للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا متدارَكٍ (١) والشمسُ طِفْلٌ … ببعضِ نواشغِ (٢) الوادي حُمُولَا

فقال: ولا مُتدارَكٍ. ولم يتقدَّمْه فعلٌ بلفظِه يُعطَفُ (٣) به عليه، ولا حرفٌ مُعرَبٌ إعرابَه فيُرَدَّ "متدارك" عليه في إعرابِه، ولكنه لما تقدَّمه فعلٌ مجحودٌ بـ "لن" (٤) يَدُلُّ على المعنى المطلوبِ في الكلامِ من (٥) المحذوفِ، استغْنَى بدَلالةِ ما ظَهَر منه عن إظهارِ ما حُذِف، وعامَل الكلامَ في المعنى والإعرابِ معاملتَه أن (٦) لو كان ما هو محذوفٌ منه ظاهرًا؛ لأن قولَه:

* أجِدَّك لن تَرَى بثُعَيْلِباتٍ *

معناه: أجِدَّك لستَ براءٍ. فردَّ "مُتداركًا" على مَوضعِ "تَرَى"، كأن "لست" والباءَ (٧) موجودتان في الكلامِ. فكذلك قولُه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾.

لمّا سلَف قبلَه تذكيرُ اللهِ جلّ وعزَّ المخاطَبين به ما سلَف قِبلَهم وقِبلَ آبائِهم من أيادِيه وآلائِه، وكان قولُه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾ مع ما بعدَه من النِّعَمِ التي عدَّدَها عليهم، ونَبَّههم على مواقعِها - ردَّ "إذْ" على موضعِ ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾. لأن معنى ذلك: اذكُروا هذه من نِعَمِي (٨)، وهذه التي قلتُ فيها للملائكةِ. فلمّا كانت الأولى مُقتضيةً "إذ"، عطَف


(١) في اللسان: "متلاقيا".
(٢) النواشغ: مجاري الماء في الوادي. التاج (ن ش غ).
(٣) في ر: "يفعله".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "بأن".
(٥) في م: "وعلى".
(٦) في ص: "اذ".
(٧) في ر، ت ١، ت ٢: "الياء".
(٨) في ص: "نعمتي".