للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالقُهم. يعنى: مما خلَق مِن الحرثِ والأنعامِ. يقالُ منه: ذرَأ اللهُ الخلقَ يَذْرَؤُهم ذَرْءًا وذَرْوًا، إذا خلَقهم. ﴿نَصِيبًا﴾. يعنى: قِسمًا وجزءًا.

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ فى صفةِ النصيبِ الذى جعَلوا للهِ، والذى جعَلوه لشركائِهم مِن الأوثانِ والشيطانِ؛ فقال بعضُهم: كان ذلك جزءًا من حُروثِهم وأنعامِهم، يُفْرِزونه (١) لهذا، وجزءًا آخرَ لهذا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بن حبيبِ بنِ الشهيدِ، قال: ثنا عَتَّابُ بنُ بشيرٍ، عن خُصَيفٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ﴾ الآية. قال: كانوا إذا أدْخَلوا الطعامَ فجعلوه حُزَمًا، جَعَلوا منها للهِ سهمًا، وسهمًا لآلهتِهم، وكان إذا هبَّت الريحُ مِن نحوِ الذى جعَلوه لآلهتِهم إلى الذى جعَلوه للهِ، ردُّوه إلى الذى جعَلوه لآلهتِهم، وإذا هبَّت الريحُ مِن نحوِ الذى جعَلوه للهِ إلى الذى جعَلوه لآلهتِهم، أقَرُّوه ولم يَرُدُّوه، فذلك قولُه: ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾. قال: جعَلوا للهِ مِن ثمَراتِهم ومالِهم نصيبًا، وللشيطانِ والأوثانِ نصيبًا، فإن سقَط مِن ثمرةِ ما جعَلوا للهِ في نصيبِ الشيطانِ ترَكُوه، وإن سقَط مما جعَلوه للشيطانِ في نصيبِ اللهِ التقَطُوه


(١) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "يقررونه"، وفى ص: "يفررون"، والمثبت هو الصواب، يقال: فرزت الشيء وأفرزته: إذا قسمته، والفِرز: النصيب المفروز لصاحبه، واحدا كان أو اثنين. اللسان (ف ر ز).