للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحفِظُوه، وردُّوه إلى نصيبِ الشيطانِ، وإن انْفَجَر مِن سِقْي (١) ما جعَلوه للهِ في نصيبِ الشيطانِ تركوه، وإن انْفَجَر من سِقْي ما جعَلوه للشيطانِ في نصيبِ اللهِ سدُّوه، فهذا ما جعَلوا مِن الحروثِ وسِقْيِ الماءِ، وأمَّا ما جعَلوا للشيطانِ مِن الأنعامِ، فهو قولُ اللهِ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾ (٢) [المائدة: ١٠٣].

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ﴾ الآية: وذلك أن أعداءَ اللهِ كانوا إذا احْتَرثُوا حَرْثًا، أو كانت لهم ثمرةٌ، جعلوا للهِ منها جزءًا، وللوَثَنِ جزءًا، فما كان مِن حرثٍ أو ثمرةٍ أو شيءٍ مِن نصيبِ الأوثانِ حفِظوه وأحْصَوْه، فإن سقَط منه شيءٌ فيما سُمِّى لله ردُّوه إلى ما جعَلوا للوثَنِ، وإن سبَقَهم الماءُ إلى الذي جعَلوه للوثَنِ فسقَى شيئًا جعَلوه للهِ، جعَلوا ذلك للوثَنِ، وإن سقَطَ شيءٌ مِن الحَرْثِ والثمرةِ التى جعَلوا [لله فاخْتَلَط بالذى جعَلوا] (٣) للوثَنِ، قالوا: هذا فقيرٌ. ولم يَرُدُّوه إلى ما جعَلوا للهِ، وإن سبَقَهم الماءُ الذي جعَلوا للهِ فسقَى ما سُمِّى للوثَنِ، ترَكُوه للوثَنِ، وكانوا يُحَرِّمون من أنعامِهم البَحيرةَ والسائبةَ والوَصيلَة والحامَ، فيَجْعَلونه للأوثان، ويَزْعُمون أنهم يُحَرِّمونه للهِ، فقال اللهُ فى ذلك: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ الآية (٤).

حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ فى قولِ اللهِ: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ


(١) السِّقى؛ الشِّرب: وهو مورد الماء. اللسان (س ق ي، ش ر ب).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٤/ ١٣٩٠، ١٣٩١ (٧٩١١، ٧٩١٢)، والبيهقى ١٠/ ١٠ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٤٧ إلى ابن المنذر.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٩١ (٧٩١٣) عن محمد بن سعد به.