للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في بطونِ الأنعامِ التي كانوا حرَّموا ما في بطونِها على أزواجِهم، لذكورِهم دونَ إناثِهم، كما فُعِل ذلك بالراويةِ والنَّسَّابةِ والعلَّامةِ، إذا أُريد بها المبالغةُ في وصفِ مَن كان ذلك مِن صفتِه، كما يُقالُ: فلانٌ خالصةُ فلانٍ وخُلْصانُه.

وأما قولُه: ﴿وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾. فإن أهلَ التأويلِ اخْتَلَفوا في المعنىِّ بالأزواجِ؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها النساءُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾. قال: النساءُ (١).

وقال آخرون: بل عُنِى بالأزواجِ البناتُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ﴿وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾. قال: الأزواجُ البناتُ، وقالوا: ليس للبناتِ منه شيءٌ (٢).

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك أن يُقالَ: إِن اللهَ أَخْبَر عن هؤلاء المشركين أنهم كانوا يقولون لِما في بطونِ هذه الأنعامِ، يعنى أنعامَهم: هذا محرمٌ على أزواجنا. والأزواجُ إنما هى نساؤُهم فى كلامِهم، وهن لا شكَّ بناتُ مَن من أولادُه، وحَلائلُ مَن هن أزواجُه.

وفى قولِ اللهِ ﷿: ﴿وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾. الدليلُ الواضحُ على أن تأنيثَ "الخالصةِ" كان لِما وصَفْتُ مِن المبالغةِ فى وصفِ ما فى بطونِ الأنعامِ


(١) تفسير مجاهد ص ٣٢٩، ومن طريقه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٣٩٥ (٧٩٣٨).
(٢) ينظر تفسير القرطبي ٧/ ٩٦.