للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبليسَ في جندٍ مِن الملائكةِ - وهم (١) هذا الحيُّ [الذين يُقالُ لهم: الجنُّ] (٢) - فقتَلهم إبليسُ ومن معه حتى ألحَقَهم بجزَائرِ البُحورِ وأطرافِ الجبالِ، فلما فعَل إبليسُ ذلك اغترَّ (٣) في نفسِه، وقال: قد صنَعْتُ شيئًا لم يَصْنَعْه أحدٌ. قال: فاطَّلع اللهُ على ذلك مِن قلبِه، ولم تطَّلِعْ عليه الملائكةُ الذين كانوا معه، فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه للملائكةِ [الذين معه] (٤): ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. فقالتِ الملائكةُ مجيبِين له: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾، كما أفسَدتِ الجنُّ وسفَكتِ الدماءَ، وإنما بعَثْتَنا (٥) عليهم لذلك، فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

يقولُ: إني قد اطَّلعتُ من قلبِ إبليسَ على ما لم تطَّلعوا عليه من كِبْرِه واغْتِرارِه (٦).

قال: ثم أمَر بتربةِ آدمَ فرُفِعَت، فخلَق اللهُ آدمَ مِن طينٍ لازِبٍ - واللازِبُ اللَّزِجُ الطيِّبُ (٧) - مِن حمأٍ مَسْنونٍ مُنْتِنٍ. قال: وإنما كان حمأً مسنونًا بعدَ الترابِ.

قال: فخلَق منه آدمَ بيدِه. قال: فمكَث أربعينَ ليلةً جسدًا ملقًى، فكان إبليسُ يَأْتِيه فيَضْرِبُه برِجْلِه فيُصَلْصِلُ - أي (٨): فيُصَوِّتُ - قال: فهو قولُ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤)[الرحمن: ١٤]. يقولُ: كالشيْءِ المنفوخِ (٩) الذي ليس بمُصمَتٍ (١٠). قال: ثم يَدْخلُ في فِيه ويَخرجُ من دُبُرِه،


(١) في الأصل: "هو".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في الأصل، ص: "اعتز".
(٤) سقط من: ص.
(٥) في ص، م: "بعثنا"، وفي ت ٢: "بغينا"، وفي ت ١: "بقينا".
(٦) في الأصل، ص: "اعتزازه".
(٧) في ص، ر، م، ت ١: "الصلب".
(٨) زيادة من: م.
(٩) في ر، ت ٢: "المنفرج".
(١٠) المصمت: الذي لا جوف له. اللسان (ص م ت).