للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَدْخلُ من دُبُرِه، ويَخرُجُ من فِيه، ثم يقولُ: لستَ شيئًا للصلصلةِ، ولشيْءٍ ما خُلقتَ، لئن سُلِّطتُ عليك لأُهْلِكَنَّك، ولئن سُلِّطْتَ عليَّ لَأَعْصِيَنَّك. قال: فلما نفَخ اللهُ فيه من رُوحِه، أتَتِ النَّفخةُ مِن قِبلِ رأسِه فجعَل لا يَجرِي شيْءٌ منها في جسدِه إلا صار لحمًا ودمًا، فلما انتهتِ النفخةُ إلى سُرَّتِه نظَر إلى جسدِه، فأعْجَبه ما رأى مِن حُسنِه، فذهَب ليَنهضَ فلم يَقدِرْ، فهو قولُ اللهِ ﷿: ﴿وَكَانَ (١) الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)[الإسراء: ١١]. قال: ضجِرًا لا صبْرَ له على سَرَّاءَ ولاضَرّاءَ. قال: فلما تمَّتِ النفخةُ في جسدِه عطَس فقال: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين. بإلهامِ اللهِ له، فقال اللهُ له: يَرْحَمُك اللهُ يا آدمُ. قال: ثم قال اللهُ للملائكةِ الذين كانوا مع إبليسَ خاصةً دونَ الملائكةِ الذين في السماواتِ: اسْجُدوا لآدمَ. فسجَدوا كلُّهم أجمعون إلا إبليسَ أبَى واستكبر، لما كان (٢) حدَّث به (٣) نفسَه مِن كِبْرِه واغتِرارِه (٤)، فقال: لا أسجدُ له، وأنا خيرٌ منه، وأكبر سنًّا وأقوى خلقًا، ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)[الأعراف: ١٢]،. يقولُ: إن النارَ أقْوَى مِن الطيِن. قال: فلما أبَى إبليسُ أن يسجدَ أبْلَسَه اللهُ، أي (٥): آيَسَه مِن الخيرِ كلِّه، وجعَله شيطانًا رَجيمًا عقوبةً لمعصيتِه.

ثم علَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها، وهي هذه الأسماءُ التي يَتعارَفُ بها الناسُ؛ إنسانٌ ودابةٌ وأرضٌ وسهلٌ وبحرٌ وجبلٌ (٦) وحمارٌ، وأشباهُ ذلك مِن الأممِ وغيرِها، ثم عرَض


(١) في الأصل، ص، ر، ت ١، ت ٢: "خلق"، وفي الدر المنثور: "خلق الإنسان من عجل"، وفي تفسير ابن كثير تركت على الخطأ كما جاءت في المخطوطات الخمس المذكورة.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سقط من: الأصل، ر.
(٤) في ص: "اعتزازه".
(٥) سقط من: الأصل، وفي م: "و".
(٦) في ص: "حبل".