للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك قولٌ إن قاله قائلٌ، كان خارجًا من قولِ جميعِ أهلِ التأويلِ، ومُخالِفًا المعهودَ مِن الخطابِ، وكفَى بذلك شاهدًا على خطئِه.

فإن قال قائلٌ: وما تُنْكِرُ أن يكونَ معنى قوله: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾: وآتُوا حقَّه يومَ كيلِه، لا يومَ قَصْلِه (١) وقطعه، ولا يومَ جَدادِه (٢) وقطافِه، فقد علمتَ مَن قال ذلك مِن أهلِ التأويل؟

وذلك ما حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخْبرَنا جويبرٌ، عن الضحاك في قوله: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. قال: يوم كيله (٣).

وحدَّثنا المثنى، قال: ثنا عمرُو بنُ عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن الحجاج، عن سالمٍ المكىِّ، عن محمدِ ابن الحَنَفية قوله: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. قال: يومَ كيلِه يُعْطِى العُشْرَ ونصفَ العُشْرِ (٤).

مع آخرين قد ذَكرتَ الروايةَ فيما مضَى عنهم بذلك؟

قيل: لأن (٥) يومَ كيله غيرُ يومِ حَصادِه، ولن يَخْلُوَ معنى قائلى هذا القولِ مِن أحد أمريْن؛ إما أن يكونوا وجَّهوا معنى الحصادِ إلى معنى الكيل، فذلك ما لا يُعْقَلُ في كلام العرب؛ لأن الحصادَ والحصدَ في كلامِهم الجدُّ (٦) والقطعُ لا الكيلُ. أو يكونوا وجَّهوا تأويلَ قوله: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. إلى: وآتوا حقَّه بعدَ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "فصله". وقصل الزرع: قطعه وهو أخضر. ينظر القاموس المحيط (ق ص ل).
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "جذاذه".
(٣) أخرجه يحيى بن آدم فى كتاب الخراج (٤١٣)، وابن أبي شيبة ٣/ ١٨٦، من طريق عن جويبر به.
(٤) تقدم تخريجه ص ٥٩٨.
(٥) بعده في ص، ت ١، س، ف: "كل".
(٦) فى م، ت ١، ت ٣، ف: "الجذ".