للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن كلِّ مَحْفوفٍ (١) يُظِلُّ عِصِيَّهُ … زوجٌ عليه كِلَّةٌ (٢) وقِرَامُها (٣)

ثم قال لهم: كلُوا مما رزَقكم اللهُ مِن هذه الثمارِ واللحومِ، وارْكَبوا هذه الحَمولةَ أيُّها المؤمنون، فلا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشيطانِ فى تحريمِ ما حرَّم هؤلاءِ الجَهَلةُ بغيرِ أمرى إياهم بذلك. قلْ يا محمدُ لهؤلاء الذين حرَّموا ما حرَّموا مِن الحرثِ والأنعامِ؛ اتِّباعًا للشيطانِ مِن عَبَدةِ الأوثانِ والأصنامِ الذين زعَموا أن اللهَ حَرَّم عليهم ما هم مُحرِّمون من ذلك: ﴿آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ﴾ رَبُّكم أيُّها الكذَبةُ على اللهِ من الضأنِ والمَعْزِ؟ فإنهم إن ادَّعَوْا ذلك وأقرُّوا به، كذَّبوا أنفسَهم، وأبانوا جهلَهم؛ لأنهم إذا قالوا: يُحَرِّمُ الذكرَيْن مِن ذلك. أوْجَبوا تحريمَ كلِّ ذكرَيْن مِن ولدِ الضأْنِ والمَعْزِ، وهم يَسْتَمْتِعون بلحومِ بعضِ (٤) الذُّكْرانِ منها وظُهورِها. وفى ذلك فسادُ دَعْواهم، وتكذيبُ قولِهم - ﴿أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ﴾. فإنهم إن قالوا: حرَّم ربُّنا الأُنْثَيَيْن. أوْجَبوا تحريمَ لحومِ كلِّ أنثى مِن ولدِ الضأْنِ والمَعْزِ على أنفسِهم وظهورِها، وفى ذلك أيضًا تكذيبٌ لهم، ودَحْضُ دَعْواهم أن ربَّهم حرَّم ذلك عليهم، إذ كانوا يَسْتَمْتِعون بلُحومِ بعضِ ذلك وظهورِه - ﴿أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾. يقولُ: أم حرَّم ما اشْتَمَلَت عليه أرحامُ الأنثيين. يعنى: أرحامُ أُنثى الضأنِ وأنثى المَعْزِ، فلذلك قال: ﴿أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾. وفى ذلك أيضًا لو أقَرُّوا به. فقالوا: حرَّم علينا ما اشْتَمَلَت عليه أرحامُ الأنثيين. بُطُولُ قولِهم، وبيانُ كذِبِهم؛ لأنهم كانوا يُقِرُّون بإقْرارِهم بذلك أن اللهَ حرَّم عليهم ذكورَ الضأْنِ والمَعْزِ وإناثَها، أن يَأْكُلوا لحومَها، أو يَرْكَبوا ظهورَها، وقد كانوا يَسْتَمْتِعون ببعضِ ذكورِها وإناثِها.

و"ما" التى فى قولِه: ﴿أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾. نَصْبٌ


(١) يريد بالمحفوف هنا الهودج.
(٢) الكلة: الستر الرقيق يخاط كالبيت. اللسان (ك ل ل).
(٣) القرام: ستر فيه رقم ونقوش. اللسان (ر ق م).
(٤) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.