للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظننْتُم في أنفسِكم. إنكارًا منه لِقيلِهم ما قالوا مِن ذلك على الجميعِ والعمومِ، وهو مِن صفةِ خاصِّ ذريةِ الخليفةِ منهم. وهذا الذي ذكَرْنا هو صفةٌ منا لتأويلِ الخبرِ لا القولُ الذي نَخْتارُه في تأويلِ الآيةِ.

ومما يَدُلُّ على ما ذكَرْنا مِن توجيهِ مَخرجِ (١) خبرِ الملائكةِ عن إفسادِ ذريةِ الخليفةِ وسَفْكِها الدماءَ على العمومِ ما حدَّثنا به أحمدُ (٢) بنُ إسحاقَ الأهْوازيُّ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ الزُّبَيْريُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عطاءِ بنِ السائبِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ سابطٍ قولَه: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾.

قال: يعْنون الناسَ (٣).

وقال آخرون في ذلك بما حدَّثنا به بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. فاستشارَ (٤) الملائكةَ في خلقِ آدمَ، فقالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. وقد علِمتِ الملائكةُ مِن علمِ اللهِ أنه لا شيْءَ أكْرَهُ إلى اللهِ مِن سَفْكِ الدماءِ والفسادِ في الأرضِ، ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. فكان في علمِ اللهِ أنه سيكونُ مِن تلك (٥) الخليفةِ أنبياءُ ورسلٌ، وقومٌ صالحون، وساكِنو (٦) الجَنَّةِ. قال: وذُكِر لنا أن ابنَ عباسٍ كان يقولُ: إن اللهَ لما أخَذ في خلقِ آدمَ قالتِ الملائكةُ: ما اللهُ خالقٌ خلقًا أكرمَ عليه منَّا، ولا أعلمَ


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "بن أحمد".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٧٨ (٣٢٦) من طريق أبي أحمد الزبيري به. وينظر ما تقدم في ص ٤٧٩.
(٤) في م: "فاستخار".
(٥) سقط من: ص، وفي م: "ذلك".
(٦) في الأصل، ص: "ساكن".