للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أبْدَوْا حينَ قالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. وكان الذي كتَموا بينَهم قولَهم: لن يَخْلُقَ ربُّنا خلقًا إلا كنا نحن أعلمَ منه وأكرمَ. فعرَفوا أن اللهَ فضَّل عليهم آدمَ في العلمِ والكرمِ (١).

وقال ابنُ زيدٍ: لما حدَّثني به يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: لمّا خلَق اللهُ النارَ ذُعِرَت منها الملائكةُ ذُعْرًا شديدًا، وقالوا: ربَّنا لمَ خلَقْتَ هذه النارَ، ولأيِّ شيْءٍ خلَقْتَها؟ قال: لِمَن عصاني مِن خَلْقي. قال: ولمْ يَكُنْ للهِ (٢) خَلْقٌ يومَئذٍ إلا الملائكةُ، والأرضُ ليس فيها خلقٌ، إنما خُلِق آدمُ بعدَ ذلك. وقرَأ قولَ اللهِ ﷿: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١]. قال: قال عمرُ بنُ الخطابِ: يا رسولَ اللهِ، ليتَ ذلك الحينَ (٣). ثم قال: وقالتِ الملائكةُ: يا ربِّ، أو يأتي علينا دهرٌ نعصِيك فيه! - لا يَرَون له خلقًا غيرَهم - قال: لا، إني أُرِيدُ أن أَخلُقَ في الأرضِ خلْقًا، وأَجعَلَ فيها خَليفةً (٤)، يَسفِكون الدماءَ ويُفْسِدون في الأرضِ. فقالت الملائكةُ: أتَجعلُ في الأرض مَن يفسدُ فيها ويسفكُ الدماءَ وقد اختَرتَنا؟ فاجْعَلْنا نحن فيها، فنحن نُسبِّحُ بحمدِك ونُقدِّسُ لك، ونعمَلُ فيها بطاعتِك. وأعظَمت الملائكةُ أن يَجْعَلَ اللهُ في الأرضِ مَن يَعْصِيه، فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. فقال: فلانٌ، وفلانٌ. قال: فلما رأَوْا ما أعْطاه اللهُ مِن العلمِ عليهم (٥)،


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٠٢، ١٠٣ بهذا الإسناد عن الربيع. ووقع فيه: حدثنا عمار بن الحسن.
(٢) في الأصل، ر: "الله".
(٣) أي: ليت الإنسان بقى شيئا غير مذكور، خوفا من يوم القيامة.
وقول عمر أخرجه ابن المبارك في الزهد (٢٣٥)، وأبو عبيد في الفضائل ص ٧٠. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٩٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في ص، م: "خليقة".
(٥) سقط من: م.