للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقرُّوا لآدمَ بالفضلِ عليهم، وأبي الخبيثُ إبليسُ أن يُقِرَّ له، قال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا﴾ (١) [الأعراف: ١٢، ١٣].

وقال ابنُ إسحاقَ بما حدَّثنا به ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: لما أراد اللهُ أن يَخلُقَ آدمَ بقدرتِه ليَبْتَليَه ويَبْتَليَ به، لعلمِه بما في ملائكتِه وجميعِ خلقِه - وكان أولَ بلاءٍ ابتُلِيَت به الملائكةُ مما لها فيه ما تحِبُّ وما تَكْرَهُ، للبلاءِ والتَّمْحيصِ لما فيهم مما لم يَعْلَموا، وأحاط به علمُ اللهِ منهم - جمَع (٢) الملائكةَ مِن سكاتِ السماواتِ والأرضِ، ثم قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. يقول: ساكنًا وعامرًا ليَسْكنَها ويَعْمُرَها، خَلْقًا (٣) ليس منكم. ثم أخْبَرَهم بعلمِه فيهم، فقال: يُفْسِدون في الأرضِ ويَسفِكون الدماءَ ويَعمَلون بالمعاصي. فقالوا جميعًا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. لا نَعْصِي، ولا نَأْتي شيئًا كرِهْتَه، ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (٤) أي (٥): فيكم ومنكم - ولم يُبْدِها لهم - مِن المعصيةِ والفسادِ وسفكِ الدماءِ وإتيانِ ما أَكْرَهُ منهم، مما يكونُ في الأرضِ مما ذكَرْتُ في بني آدمَ.

قال اللهُ لمحمدٍ : ﴿مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِين﴾. إلى قولِه: ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [ص: ٦٩ - ٧٢].


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٤٥ إلى المصنف مختصرًا. وينظر الدر المنثور ٦/ ٢٩٧.
(٢) في الأصل، م: "جميع".
(٣) في ر: "خلفا".
(٤) بعده في ص، ١، م، ت ١، ت ٢: "قال".
(٥) بعده في م: "إني أعلم".