للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى جُودُه لا البُخْلَ واسْتَعْجَلَتْ به … نَعَمْ مِنْ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُوعَ (١) قاتِلُهْ

وقال: فَسَّرته العربُ: أَبَى جُودُه البخلَ. وجعلوا "لا" زائدةً حشوًا ههنا، وَصَلوا بها الكلامَ.

قال: وزَعَم يونسُ أن أبا عمرٍو كان يَجُرُّ البخلَ، ويجعلُ "لا" مضافةً إليه، أراد: أبى جودُه "لا" التي هي للبخلِ. ويجعلُ "لا" مضافةً؛ لأن "لا" قد تكونُ للجودِ والبخلِ؛ لأنه لو قال له: امنعِ الحقَّ ولا تُعْطِ المساكينَ. فقال: "لا". كان هذا جودًا منه.

وقال بعضُ نحويى الكوفةِ (٢) نحوَ القولِ الذي ذكرْناه عن البصريِّ (٣) في معناه وتأويلِه، غيرَ أنه زَعَم أن العلةَ في دخولِ "لا" في قولِه: ﴿أَلَّا تَسْجُدَ﴾. أن في أولِ الكلامِ جحدًا، يعنى قولَه: ﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾. وأن العربَ ربما أعادوا في الكلامِ الذي فيه جحدٌ، جحدًا، كالاستيثاقِ (٤) والتوكيدِ له، قال: وذلك كقولِهم (٥):

ما إِنْ رَأَيْنا مِثْلَهُنَّ لمعشرٍ … سُودِ الرءوسِ فَوالجٌ (٦) وفُيُولُ

فأعادَ على الجحدِ الذي هو "ما" جحدًا، وهو قولُه: "إنْ".

فجَمَعَهما للتوكيدِ.


(١) في المحكم: "الجوس"، هو بمعنى الجوع، وفى أمالي ابن الشجرى، وشرح شواهد المغنى: "الجود". وكذا أثبتها ناشرو المطبوعة عن هذه المصادر.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣٧٤.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "البصريين".
(٤) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "كالاستئناف".
(٥) البيت في معاني القرآن للفراء ١/ ١٧٦، ٣٧٤.
(٦) الفوالج جمع الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحلة. الصحاح (ف ل ج).