للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك منهم؟ ومسألتُهم ربَّهم أن يَجْعَلَهم الخلفاءَ في الأرضِ حتى لا يَعْصُموه.

وغيرُ فاسدٍ أيضًا ما رواه الضحاكُ عن ابنِ عباسٍ، وتابَعه عليه الربيعُ بنُ أنسٍ، مق أن الملائكةَ قالت ذلك لِما كان عندها مِن علمِ سُكانِ الأرضِ قبلَ آدمَ من الجنِّ، فقالت لربِّها: أجاعلٌ فيها أنت مثلَهم مِن الخلْقِ يَفْعَلون مثلَ الذي كانوا يَفْعَلون؟ على وجهِ الاسْتِعلامِ منهم لربِّهم، لا على وجهِ الإيجابِ أن ذلك كائنٌ كذلك، فيَكونَ ذلك منها إخبارًا عما لم تَطَّلِعْ عليه مِن علمِ (١) الغيبِ.

وغيرُ خطأ أيضًا ما قاله ابنُ زيدٍ مِن أن يكونَ قِيلُ الملائكَةِ ما قالت كان (٢) على وجهِ التعجبِ منها مِن أن يكونَ للهِ خلقٌ يَعْصِي خالقَه.

وإنما ترَكْنا القولَ بالذي رواه الضحاكُ عن ابنِ عباسٍ، ووافَقه عليه الربيعُ، وبالذي قاله ابنُ زيدٍ في تأويلِ ذلك؛ لأنه لا خبرَ عندَنا بالذي قالوه مِن وجهٍ يَقْطَعُ مجيئُه العذرَ، ويَلْزَمُ سامعَه به الحجةُ، والخبرُ عما قد مضَى وما قد سَلَف لا يُدْرَكُ علمُ صحتِه إلا بمجيئِه مَجيئًا يَمْتَنِع منه التشاغُبُ (٣) والتَّواطُؤُ، ويَسْتَحيلُ فيه (٤) الكذبُ والخطأُ والسَّهْوُ، وليس ذلك بموجودٍ كذلك فيما حكاه الضحاكُ عن ابنِ عباسٍ، [ووافقه عليه الربيعُ] (٥)، ولا فيما قاله ابن زيدٍ.

فأولَى التأويلاتِ إذ كان الأمرُ كذلك بالآيةِ، ما كان عليه مِن ظاهرِ التنزيلِ دَلالةٌ مما يَصِحُّ مَخْرَجُه في المفهومِ.


(١) في ص: "ظهر".
(٢) في ص، ر، م، ت ١، ت ٢: "من ذلك".
(٣) في ص: "الشاعر".
(٤) في ص، ر، م: "منه".
(٥) سقط من: الأصل، ص.