للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: ما هذا الذي جئتنا به إلَّا جنونٌ أصابَك به بعضُ آلهتِنا هذه التي تعيبُ. قال: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾. إلى قوله: ﴿صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٣ - ٥٦]. فلما فَعَلوا ذلك أمسَكَ اللهُ عنهم المطرَ مِن السماءِ ثلاثَ سنينَ - فيما يَزْعُمون - حتى جهدَهم ذلك، وكان الناسُ في [ذلك الزمانِ] (١) إذا نَزَلَ بهم بلاءٌ أو جَهْدٌ، فطَلَبوا إلى اللهِ الفرجَ منه، كانت طَلِبَتُهم إلى اللهِ عندَ بيتِه الحرامِ بمكةَ؛ مسلمِهم ومشركِهم، فيجتمعُ بمكةَ ناسٌ كثيرٌ شتَّى، مختلفةٌ أديانُهم، وكلُّهم مُعَظِّمٌ لمكةَ، يَعْرِفُ حُرْمَتها ومكانَها مِن اللهِ.

قال ابن إسحاقَ: وكان البيتُ في ذلك الزمانِ معروفًا مكانُه، والحرمُ قائمٌ فيما يَذْكُرون، وأهلُ مكة يومَئذٍ العماليقُ، وإنما سُمُّوا العماليقَ لأن (٢) أباهم عِمْلِيقُ بنُ لاوَذَ بن سامِ بن نوحٍ، وكان سيدُ العماليقِ إذ ذاك بمكةَ، فيما يَزْعُمون، رجلًا يقالُ له: معاويةُ بنُ بكرٍ. وكان أبوه حيًّا في ذلك الزمانِ، ولكنه كان قد كَبِرَ، وكان ابنُه يَرْأَسُ قومَه، وكان السؤدُدُ والشرفُ مِن العماليقِ، فيما يَزْعُمون، في أهلِ ذلك البيتِ، وكانت (٣) أمُّ معاويةَ بن بكرٍ كَلْهدةَ ابنةَ الخَيْبَرِيِّ؛ رجلٍ مِن عادٍ، فلما قحَط المطرُ عن عادٍ وجُهدوا، قالوا: جَهِّزُوا منكم وفدًا إلى مكةَ، فليَسْتَسْقوا لكم، فإنكم قد هَلَكتُم. فبَعَثُوا قَيْلَ بنَ عنزٍ (٤)، ولُقَيْمَ بنَ هَزَّالِ بن هزيلٍ، [وعُتَيْلَ بنَ صدِّ] (٥) بن عادٍ الأكبرِ، ومَرْثَدَ بنَ سعدِ بن غُفَيرٍ، وكان مسلمًا يكتُمُ إسلامَه (٦)، وجُلْهُمة بنَ الخبيريِّ (٧)؛


(١) في ص: ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "زمان".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أن".
(٣) بعده في عن ١، ت ٢، ت ٣، س: "معه".
(٤) في م: "عير".
(٥) في: م: "وعقيل بن ضد".
(٦) في ف، وتفسير ابن أبي حاتم: "إيمانه".
(٧) في ف: "الحبرى".