للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو بكرِ بنُ عياشٍ، قال: ثنا عاصمٌ، عن الحارثِ بن حسانَ البكريِّ، قال: قَدِمْتُ على رسولِ اللهِ ، فمررتُ بامرأةٍ بالرَّبَذَةِ (١)، فقالت: هل أنتَ حاملي إلى رسول الله ؟ قلتُ: نعم. فَحَمَلتُها حتى قدِمتُ المدينةَ، فَدَخَلتُ المسجدَ، فإذا رسولُ اللهِ على المنبرِ، وإذا بلالٌ مُتَقَلِّدٌ السيفَ، وإذا راياتٌ سودٌ. قال: قلتُ: ما هذا؟ قال (٢): عمرُو بنُ العاصِ قَدِمَ مِن غزوتِه. فلما نزَل رسولُ اللهِ عن منبرِه أتيتُه، فاستأذَنتُ فأذِنَ لي، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إن بالبابِ امرأةً مِن بني تميمٍ، وقد سألَتْني أن أحْمِلَها إليك. قال: "يا بلالُ ائْذَنْ لها". قال: فدخَلتْ، فلما جلَستْ قال لى رسولُ اللهِ : "هلْ بينَكم وبينَ تميمٍ شيءٌ؟ ". قلتُ: نعم. وكانت الدَّبْرَةُ (٣) عليهم، فإن رأيتَ (٤) أن تَجْعَلَ الدَّهْنَاءَ بينَنا وبينَهم حاجزًا فعلتُ. قال: تقولُ المرأةُ: [فأين تضطرُّ مُضَرَك] (٥) يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: قلتُ: إن مَثَلَى مَثَلُ (٦) مِعْزًى حَمَلَت حَتْفًا (٧). قال: قلتُ: وحَمَلتُكِ تكونين عليَّ خَصْمًا؟ أعوذُ باللَّهِ أن أكونَ كوافدِ عادٍ. فقال رسولُ اللهِ : "وما وَافِدُ عادٍ؟ ". قال: قلتُ: على الخبيرِ سَقَطْتَ، إن عادًا قَحَطت فبعَثت مَن يَسْتَسْقى لها، فبَعَثُوا رجالًا، فمَرُّوا على بكرِ بن معاويةَ، فَسَقاهم الخمرَ، وتَغَنَّتهم الجَرَادَتان شهرًا، ثم


= ٣/ ٤٣١ - ٤٣٣، وقال بعده: وهو سياق غريب فيه فوائد كثيرة.
(١) الرَّبذة: من قرى المدينة على ثلاثة أميال قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز. معجم البلدان ٢/ ٧٤٩.
(٢) في م: "قالوا".
(٣) في م: "لنا الدائرة". وهو موافق لإحدى نسخ التاريخ. والدَّبْرَة: العاقبة، والهزيمة في القتال. تاج العروس (د ب ر).
(٤) في ص، ف: "كانت".
(٥) في م: "فإلى أين يضطر مضطرك".
(٦) بعده في م: "ما قال الأول".
(٧) في م: "حتفها"، وهو مثل لكل من أعان على نفسه بسوء تدبيره. النهاية ١/ ٣٣٨.