للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم فأَهْلَكَتْهم، فهو قولُه: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ (١) [الشعراء: ١٨٩].

حدثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: كان مِن قِصَّةِ خبرِ شعيبٍ وخبِر قومِه ما ذكَر اللهُ في القرآنِ، كانوا أهلَ بَخْسٍ للناسِ في مكاييلِهم وموازينِهم، مع كفرِهم باللهِ وتكذيبِهم نبيَّهم، وكان يَدْعُوهم إلى اللَّهِ جل ثناؤُه وعبادتِه (٢)، وتركِ ظلمِ الناسِ وبَخْسِهم في مكاييلِهم وموازينِهم، فقال نُصْحًا لهم، وكان صادقًا: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود: ٨٨]. قال ابن إسحاقَ: فكان رسولُ اللهِ فيما ذكَر لى يعقوبُ بنُ أبى سلمةَ - إذا ذكَره (٣)، قال: "ذَاكَ (٤) خَطِيبُ الأَنْبِياءِ". لحُسْنِ مُراجَعَتِه قومَه فيما يُرادُّهم (٥). فلما كذَّبوه وتوعَّدوه بالرَّجْمِ والنَّفْى مِن بلادِهم، وعَتَوا على اللَّهِ، أَخَذهم عذَابُ يومِ الظُّلَّةِ، إنه كان عذابَ يومٍ عظيمٍ. فبلغنى أنَّ رجلًا من أهلِ مدينَ يُقالُ له: عمرُو بنُ جَلْهَاءَ. لما رآها قال:

يا قَوْمِ إِنَّ شعيبًا مُرْسَلٌ فذروا … عنكم سُمَيْرًا وَعِمْرَانَ بنَ شَدّادِ

إنِّي أَرَى غَبْيَةً (٦) يا قومِ قد طلَعت … تَدْعُو بِصَوْتٍ عَلَى صَمَّانَةِ (٧) الوادِى


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٣ إلى ابن المنذر، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٩ (٨٧٠٥، ٨٧٠٦) من طريق أحمد بن مفضل به إلى قوله: سألوه العذاب.
(٢) في م: "عبادتهم".
(٣) في م: "ذكر شعيبا".
(٤) في الأصل: "ذلك".
(٥) في م: "يراد بهم". ورادّه القولَ: راجعه. التاج (ر د د).
(٦) في الأصل: "غيبة"، وفى م: "غيمة". والغبية: الدفعة من المطر. اللسان (غ ب ى). ويريد هنا سحابة ذات غبية.
(٧) ف ص، ف: "صانة"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "صابة" وغير منقوطة في س. والصمانة والصمان: أرض صلبة ذات حجارة إلى جنب رمل. اللسان (ص م م).