للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يأكُلُ أحدُهم الطعامَ فيمتلئُ دَبًى، حتى إن أحدَهم ليبنى الأسطوانةَ بالجصِّ فيُزْلِقُها حتى لا يَرْتَقِيَ فوقَها شيءٌ؛ يرفعُ فوقها الطعامَ، فإذا صعِد إليه ليأكلَه وجَده ملآن دَبًى، فلم يصابوا ببلاءٍ كان أشدَّ عليهم مِن الدَّبَى، وهو الرِّجزُ الذي ذكَر اللهُ في القرآنِ أنه وقَع عليهم، فسألوا موسى أن يدعَو ربَّه فيكشفَ عنهم، ويؤمنوا به، فلما كشَف عنهم أَبَوا أن يؤمنوا، فأرسل اللهُ عليهم الدمَ، فكان الإسرائيليُّ يأتى هو والقبطيُّ يستقيان مِن ماءٍ واحدٍ، فيَخرجُ ماءُ هذا القبطيِّ دمًا، ويخرج للإسرائيليِّ ماءً، فلما اشتدَّ ذلك عليهم سألوا موسى أن يكشفَه ويؤمنوا به، فكشف ذلك، فأَبَوا أن يؤمنوا، فذلك حينَ يقولُ اللَّهُ: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ (١) [الزخرف: ٥٠].

حدَّثنا محمد بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ﴾. قال: أرسَل اللهُ عليهم الماءَ حتى قاموا فيه قيامًا، ثم كشَف عنهم، فلم ينتفِعوا (٢)، وأخصَب بلادَهم خِصْبًا لم تَحْصَبْ مثلَه، فأرسل اللهُ عليهم الجرادَ فأكلته إلا قليلًا، فلم يؤمِنوا أيضًا، فأرسل اللهُ عليهم (٢) القُمَّلَ، وهى الدَّبَى، وهى أولادُ الجرادِ، فأكلت ما بقى مِن زروعِهم، فلم يؤمنوا، فأرسل اللهُ (٣) عليهم الضفادعَ، فدخَلت عليهم بيوتَهم، ووقَعَت في آنيتِهم وفُرُشِهم، فلم يؤمنوا، ثم أرسل اللهُ عليهم الدمَ، فكان أحدُهم إذا أراد أن يشربَ تحوَّلَ ذلك الماءُ دمًا، قال اللهُ: ﴿آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ﴾ (٤).


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤١٠ بإسناد السدى المعروف مطولًا جدًّا، وسقط ذكر عمرو بن حماد من التاريخ.
(٢) في م: "يؤمنوا"، وفى تفسير عبد الرزاق، وتاريخ ابن عساكر: "ينتهوا".
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٣٤ - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه ٦١/ ٦٩ - عن معمر به، وأخرج آخره ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٤٩ (٨٨٨٢) من طريق محمد بن عبد الأعلى به.