للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الرجلِ من قومِ فرعونَ في السفينةِ، فيغرفُ الإسرائيليُّ ماءً، ويغرفُ الفِرعَونيُّ دمًا. قال: وكان الرجلُ مِن قومِ فرعونَ ينامُ في جانبٍ، فيكثُرُ عليه القُمَّلُ والضفادعُ حتى لا يقدرَ أن ينقلبَ على الجانبِ الآخرِ، فلم يزالوا كذلك حتى أوحى اللهُ إلى موسى: ﴿مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ [الشعراء: ٥٢].

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: لما أتى موسى فرعونَ بالرسالةِ أبى أن يؤمنَ، وأن يرسلَ معه بني إسرائيلَ، فاستكبرَ، قال: لن أرسلَ معك بني إسرائيلَ. فأرسل الله عليهم الطوفانَ، وهو الماءُ؛ أمطرَ عليهم السماءَ حتى كادوا يَهلِكون، وامتنع منهم كلُّ شيءٍ، فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربَّك بما عهِد عندَك لئن كشَفت عنا هذا لنُؤْمننَّ لك، ولنُرْسِلَنَّ معك بني إسرائيلَ. فدعا الله فكشَف عنهم المطرَ، فأنبَت اللهُ لهم حروثَهم، وأحيا بذلك المطرِ كلَّ شيءٍ من بلادِهم، فقالوا: واللهِ ما نُحِبُّ أنا لم نَكُنْ أُمْطِرنا هذا المطرَ، ولقد كان خيرًا لنا، فلن نرسلَ معك بني إسرائيلَ، ولن نؤمنَ لك يا موسى. فبعَث اللهُ عليهم الجرادَ، فأكل عامَّةَ حروثِهم، وأسرع الجرادُ في فسادِها، فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربَّك يَكْشِفْ عنا الجرادَ، فإنا مؤمنون لك، ومرسلون معك بني إسرائيلَ. فكشَف اللهُ عنهم الجرادَ، وكان الجرادُ قد أبقى لهم من حروثِهم بقيةً، فقالوا: قد بقِى لنا من حروثِنا ما كان كافينا، فما نحن بتاركي دينِنا، ولن نُؤمنَ لك، ولن نرسلَ معك بني إسرائيلَ. فأرسل اللهُ عليهم القُمَّلَ - والقُمَّلُ الدَّبَى، وهو الجرادُ الذي ليست له أجنحةٌ - فتتبع ما بقى من حروثهم وشجرِهم وكلِّ نبات كان لهم، فكان القُمَّلُ أشدَّ عليهم مِن الجرادِ، فلم يستطيعوا للقُمَّل حيلةٌ، وجزِعوا من ذلك فأتَوا موسى، فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربَّك يَكْشِفْ عنا القُمَّلَ، فإنه لم يُبْقِ لنا شيئًا، قد أكَل ما بقِى مِن حروثِنا، ولئن كشَفت عنا القُمَّلَ لنؤمننّ لك، ولنرسِلنَّ معك بني إسرائيلَ. فكشَف