للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرسلَ اللَّهُ الصواعِقَ والظلمةَ والضبابَ على ما كان يلى الجبلَ الذي عليه (١) موسى أربعةَ فراسخَ مِن كلِّ ناحيةٍ، ثم أمَر اللهُ ملائكةَ السماءِ (٢) الدنيا أن يمرُّوا بموسى، فاعترَضوا عليه، فمرُّوا به كثيرانِ البقرِ، تَنْبُعُ أفواهُهم بالتقديسِ والتسبيحِ بأصواتٍ عظيمةٍ كصوتِ الرعدِ الشديدِ، فقال موسى بنُ عمرانَ: ربِّ إني كنتُ غنيًّا، ما ترى عيناى شيئًا، قد ذهَب بصرُهما مِن شعاعِ النورِ المتضَعِّفِ (٣) على ملائكةِ ربِّي. ثم أمَر اللهُ ملائكةَ السماءِ الثانيةِ: أن اهبِطوا على موسى فاعترِضوا عليه. فهبطوا أمثالَ الأُسْدِ، لهم لَجَبٌ (٤) بالتسبيحِ والتقديسِ، ففزِع العبدُ الضعيفُ ابن عمرانَ مما رأى ومما سمِع، فاقشعرت كلُّ شعرةٍ في رأسِه [وفى] (٥) جلدِه، ثم قال: ندمتُ على مسألتي إياكَ، فهل ينجيني مِن مكاني الذي أنا فيه شيءٌ؟ فقال له حَبْرُ (٦) الملائكةِ ورأْسُهم: يا موسى، اصبرْ لِما سألتَ، فقليلٌ مِن كثيرٍ ما رأيتَ. ثم أمَر اللهُ ملائكةَ السماءِ الثالثةِ: أن اهبِطوا على موسى فاعْتَرِضوا عليه. فأقبلوا أمثال النسورِ لهم قَصْفٌ ورَجْفٌ ولَجَبٌ شديدٌ، وأفواهُهم تنبعُ بالتسبيحِ والتقديسِ كجلَبِ (٧) الجيشِ العظيمِ، ألوانُهم (٨) كلَهَبِ النارِ، ففزِع موسى وأَسِيَتْ (٩) نفسُه، وساءَ (١٠) ظنُّه، وأيس مِن الحياةِ، فقال


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "يلى".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) في م: "المتصفف".
(٤) اللجب: ارتفاع الأصوات واختلاطها. تاج العروس (ل ج ب).
(٥) في م: "و".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "خير".
(٧) في م: "كلجب".
(٨) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س، ف، وفى م: "أو"، والمثبت من عرائس المجالس للثعلبي: ص ١٧٩، وتفسير البغوي ٣/ ٢٧٦.
(٩) في م، ت ٢: "أيست"، وأَسِيت نفسُه: حزنت. اللسان (أ س ى).
(١٠) في م: "أساء".