للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، قال: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾: وذلك أن الجبَلَ حِينَ كُشِف الغِطاءُ ورأى النورَ، صار مثلَ دكٍّ مِن الدِّكاكِ (١).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا أبو سعدٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ﴾: فإنه أكبرُ مِنك وأشدُّ خَلْقًا، ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾. فنظَر إلى الجبلِ لا (٢) يتمالَكُ، وأقبل الجبلُ يندكُّ عن (٣) أوَّلِه، فلما رأى موسى ما يصنَعُ الجبلُ خرَّ صَعِقًا (٤).

واختلفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿دَكًّا﴾؛ فقرأته عامَّة قرَأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾ مقصورًا بالتنوين (٥). بمعنى: دكَّ اللَّهُ الجبلَ دَكًّا. أي: فتَّتَهُ (٦). واعتبارًا بقولِ اللَّهِ: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)[الفجر: ٢١]. وقولِه: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤)[الحاقة: ١٤]. واستَشْهد بعضُهم على ذلك بقولِ حميدٍ (٧):


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "الدكات". والدكاك: جمع الدَّك والدَّكة، وهو ما استوى من الرمل وسهل. اللسان (د ك ك).
والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٦٨ عن الربيع.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ص، ف: "لم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "على".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١١٨، ١١٩ إلى عبد بن حميد.
(٥) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو وابن عامر وعاصم. ينظر حجة القراءات ص ٢٩٤، ٢٩٥.
(٦) في م: "فتنته".
(٧) التبيان ٤/ ٥٣٤.