للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ ذلك عامَّةُ قرأة أهلِ الكوفةِ: يا (ابْنَ أُمِّ) بكسرِ الميمِ مِن "الأمِّ" (١).

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ فتحِ ذلك وكسرِه، مع إجماعِ جميعِهم على أنهما لغتان مستعملتان في العربِ؛ فقال بعضُ نحوييِّ البصرةِ: قيل ذلك بالفتحِ على أنهما اسمان جُعِلا اسمًا واحدًا، كما قيل: يا ابنَ عمَّ. وقال: هذا شاذٌّ لا يُقاسُ عليه. قال: ومَن قال في ذلك: يا (ابنَ أُمِّ)، فهو على لغةِ الذين يقولون: هذا غلامِ قد جاء. وجعَله اسمًا واحدًا آخرُه مكسورٌ، مثلَ قولِه: خازِ بازِ (٢).

وقال بعضُ نحوييِّ الكوفةِ (٣): قيل: ﴿يَبْنَؤُمَّ﴾ [طه: ٩٤]، ويا ابنَ عمَّ، فنُصِب كما يُنصبُ المعربُ في بعضِ الحالاتِ، فيقال: يا حسرتا، ويا ويلتا. قال: فكأَنَّهم قالوا: يا أماه، ويا عماه. ولم يقولوا ذلك في أخٍ، ولو قيل ذلك لكان صوابًا. قال: والذين خفَضوا ذلك فإنه كثُر في كلامِهم حتى حذفوا الياءَ. قال: ولا تكادُ العربُ تحذفُ الياءَ إِلَّا مِن الاسمِ المنادَى يضيفُه المنادِى إلى نفسِه، إلا قولُهم: يا بنَ أمِّ (٤)، ويا بنَ عمِّ. وذلك أنهما يكثُرُ استعمالُهما في كلامِهم، فإذا جاء ما لا يُستعملُ أثبتوا الياءَ، فقالوا: يا بنَ أبى، ويا بنَ أخى وأختى، ويا بنَ خالتي، ويا بنَ خالى.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إذا فُتِحت الميمُ مِن ﴿ابْنَ أُمَّ﴾، فمرادٌ به الندبةُ: يا بنَ أماه، وكذلك مِن "ابن عمَّ"، وإذا كُسِرت، فمرادٌ به الإضافةُ، ثم


(١) وهى قراءة ابن عامر وحمزة والكسائى وعاصم في رواية أبى بكر. السبعة لابن مجاهد ص ٢٩٥.
(٢) الخازِبازِ: ذباب يكون في الروض. تاج العروس (ب و ز).
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٣٩٤.
(٤) في الأصل: "عم".