للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حذِفت الياءُ التي هي كنايةُ اسمِ المخبِرِ عن نفسِه. وكأن بعضَ مَن أنكرَ تَشْبيه (١) كسرِ ذلك إذا كُسِر، بكسرِه الزاىَ مِن "خاز بازِ"، يقولُ: ليس ذلك نظيرَ "خازِ بازِ"؛ لأنَّ "خازِ بازِ" لا يُعرفُ الثاني إلا بالأولِ، ولا الأوَّلُ إلا بالثانى، فصار كالأصواتِ.

وحُكى عن يونسَ النحويِّ (٢) عن "يا بنتَ أمِّ"، و "يا بنتَ عمِّ"، فقال: لا يُجعلُ اسمًا واحدًا إلا مع "ابن" المذكرِ. قالوا: وأما اللغةُ الجيدةُ والقياسُ الصحيحُ فلغةُ مَن قال: يابنَ أمى. بإثباتِ الياءِ، كما قال أبو زُبيدٍ (٣).

يا بْنَ أُمِّي وياشْقَيِّقَ نَفْسِى … أَنْتَ خَلَّفْتَنِى لِدَهْرٍ شَدِيدِ

وكما قال الآخرُ (٤):

يا بْنَ أُمِّي وَلَوْ شَهِدْتُكَ إِذْ تَدْ … عُو تَميمًا وأنْتَ غيرُ مُجَابٍ

وإنما أثبَت هؤلاء الياءَ في "الأمِّ" لأنَّها غيرُ مناداةٍ، وإنما المنادَى هو الابنُ دونَها، وإنما تُسقِطُ العربُ الياءَ مِن المنادَى إذا أضافته إلى [أنفسِها (٥)، لا إذا أضافته إلى] (٦) غيرِ أنفسِها (٧)، كما قد بَيَّنَّا.

وقيل: إن هارونَ إنما قال لموسى: ﴿يَبْنَؤُمَّ﴾ [طه: ٩٤] ولم يقلْ له: يا بنَ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "نسبته".
(٢) في الأصل، ص، ف: "الجرمى". وينظر ما تقدم في ٨/ ٢٤٥.
(٣) ديوانه ص ٤٨، وروايته:
يا بن حسناء شق نفسى يالجـ … لاج خليتنى لدهر شديد
وكرواية المصنف في الكتاب ٢/ ٢١٣، واللسان (ش ق ق)، وجاء فيه: لأمر. بدلًا من الدهر.
(٤) هو غلفاء بن الحارث بن آكل المرار الكندى، والبيت في النقائض ١/ ٤٥٧، ٢/ ١٠٧٧، والوحشيات ص ١٣٤.
(٥) في ص، م، ت ٢: "نفسها".
(٦) سقط من: ت ١، س، ف.
(٧) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "نفسها".