للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: وعلةُ مَن قال هذه المَقالةَ -[أن إبليسَ ليس هو مِن الملائكةِ] (١) - أن اللهَ تعالى ذكرُهُ أخبَر في كتابِه أنه خلَق إبليسَ من نارِ السَّمومِ، ومِن مارجٍ مِن نارٍ، ولم يخبِرْ عن الملائكةِ أنه خلَقها مِن شيءٍ من ذلك، وأن اللهَ أخْبَر (٢) أنه مِن الجن.

قالوا: فغيرُ جائزٍ أن يُنْسَبَ إلى غيرِ ما نسَبه اللهُ إليه. قالوا: ولإبليسَ نَسْلٌ وذُرِّيةٌ، والملائكةُ لا تتَناسَلُ ولا تَتَوالَدُ.

قال أبو جعفرٍ: وهذه عِللٌ تُنْبئُ عن ضعفِ معرفةِ أهلِها، وذلك أنه غيرُ مُسْتَنْكَرٌ أن يكونَ اللهُ تعالى ذكرُه خلَق أصنافَ ملائكتِه مِن أصنافٍ مِن خلقِه شَتَّى. فخلَق بعضًا مِن نُورٍ، وبعضًا مِن نارٍ، وبعضًا مما شاء مِن غيرِ ذلك. وليس في تَرْكِ اللهِ تعالى ذكرُه الخبرَ عما خلَق منه ملائكتَه، وإخبارِه عما خلَق منه إبليسَ، ما يوجِبُ أن يكونَ إبليسُ خارجًا مِن (٣) معناهم، إذ كان جائزًا أن يكونَ خلق صِنفًا مِن ملائكتِه مِن نارٍ كان منهم إبليسُ، وأن يكونَ أفْرَد إبليسَ بأن خلَقه مِن نارِ السَّمومِ دون سائرِ ملائكتِه. وكذلك غيرُ مخرجِه أن يكونَ كان مِن الملائكةِ بأن كان له نسلٌ وذريةٌ، لِما ركَّب فيه من الشهوةِ واللذةِ التى نُزِعتْ من سائرِ الملائكةِ، لِما أراد اللهُ به (٤) مِن المَعْصيةِ.

وأما خبرُ اللهِ تعالى ذكرُه عنه أنه مِن الجنِّ، فغيرُ مدفوعٍ أن يُسَمَّى (٥) ما اجْتنَّ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) بعده في ص: "في كتابه".
(٣) في م: "عن".
(٤) في الأصل: "منهم"، وفى ص، ت ٣: "بهم".
(٥) بعده في ص: "من الجن".