للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن الأشياءِ كلِّها عن الأبْصارِ جنًّا -كما قد ذكَرْنا قبلُ في شعرِ الأعْشَى- فيكونُ إبليسُ والملائكةُ منهم لاجْتِنانِهم عن أبصارِ بنى آدمَ.

القولُ في معنى: ﴿إِبْلِيسَ﴾.

قال أبو جعفرٍ: وإبليسُ: إفْعِيلُ، مِن الإبْلاسِ، وهو الإياسُ مِن الخيرِ والندَمُ والحزنُ.

كما حدَّثنا به أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا بشرُ ابنُ عُمارةَ، عن أبى رَوْقٍ، عن الضّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ، قال: إبليسُ أبْلَسَه اللهُ مِن الخيرِ كلِّه، وجعَله شيطانًا رجيمًا عُقوبةً لمعصيتِه (١).

حدَّثنى موسى، قال: حدَّثنا عمرٌو، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: كان اسمُ إبليسَ الحارثَ، وإنما سُمِّى إبليسُ حينَ أبْلِس فقيرًا (٢).

قال أبو جعفرٍ: وكما قال اللهُ : ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤]. يعنى به أنهم آيِسون مِن الخيرِ، نادِمون حُزْنًا، كما قال العجَّاجُ (٣):

يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا (٤)

قال نَعَمْ أَعْرِفُه وأبْلَسَا


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٩٥. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٨٤ (٣٦٢)، وابن الأنباري في الأضداد ص ٣٣٦ من طريق بشر به بنحوه.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٥٠ إلى ابن المنذر. وتقدم بتمامه في ص ٤٨٢.
(٢) في م: "فغير"، وغير منقوطة في ص.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٨٤ عقب الأثر (٣٦٢) من طريق عمرو بن حماد به نحوه.
(٣) ديوانه ص ١٢٣.
(٤) رسم مكرِس ومكرَس: بعرت فيه الإبل وبوَّلت، فركب بعضه بعضًا. التاج (ك ر س).