للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غضبُ اللَّهِ، نجتِ الطائفتان اللتان قالوا: ﴿لِمَ تَعظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُم﴾. والذين قالوا: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾. وأهلَكَ اللَّهُ أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان: فجعَلَهم قردةً وخنازير (١).

حدثنا محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قولَه: ﴿وَاسْأَلَهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾ (٢). إلى قوله: ﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾: وذلك أن أهل قريةٍ كانت حاضرة البحر كانت تأتيهم حيتانُهم يوم سبتهم. يقولُ: إذا كانوا يومَ يَسْبتون تأتيهم شُرَّعًا، يعنى: من كلِّ مكانٍ، ﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾. وأنهم قالوا: لو أنَّا أخذنا من هذه الحيتان يومَ تجيءُ ما يكفينا فيما سوى ذلك من الأيامِ. فوعَظهم قومٌ مؤمنون ونهَوْهم وقالت طائفةٌ من المؤمنين: إنّ هؤلاء قوم قد همُّوا بأمرٍ ليسوا بمنتَهين دونَه، واللَّهُ مُخزيهم ومعذِّبهم عذابًا شديدًا. قال المؤمنون بعضُهم لبعضٍ: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ إن كان هلاك فلعلنا نَنْجُو، وإما أنْ ينتهوا فيكونَ لنا أجرًا. وقد كان الله جعَل على بني إسرائيل يوما يعبُدونَه، ويَتفرّغون له فيه، وهو يوم الاثنين، فتعدّى الخبثاءُ مِن الاثنين إلى السبت. وقالوا: هو يوم السبتِ. فنهاهم موسى، فاختلفوا فيه، فجعَلَ عليهم السبت، ونهاهم أن يعمَلوا فيه، وأن يعْتَدُوا فيه، وإنَّ رجلًا منهم ذهَب ليحتطب، فأخذه موسى فسأله: هل أمرَك بهذا أحدٌ؟ فلم يجد أحدًا أَمَرَه، فرجمه أصحابه (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٩٩، ١٦٠٢ من طريق أبي صالح به مختصرا، وينظر أوله في ص ٥٠٧.
(٢) بعده في الأصل: "إذ يعدون". وهو آخر الموجود من الجزء العشرين من نسخة جامعة القرويين، والأرقام بين المعكوفين بعد ذلك هي أرقام النسخة ت ١.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٩٨ من طريق محمد بن سعد به. إلى قوله: من كل مكان ويوم لا يسبتون لا تأتيهم.