للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزَّاقِ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: ثنى رجلٌ، عن عكرمة، قال: جئتُ ابن عباس يوما، وإذا هو يبْكى، وإذا المصحف في حجْرِه، فأعْظمتُ أنْ أدنُو، ثم لم أزل على ذلك حتى تقدّمتُ فجلستُ، فقلتُ: ما يُبكيك يا بنَ عباسٍ، جعلني الله فداءَكَ؟ فقال: هؤلاء الورقاتُ. قال: وإذا هو في سورة "الأعراف"، قال: تعرفُ أَيْلةَ؟ قلت: نعم. قال: فإنه كان حيٌّ من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت، ثم غاصَتْ لا يقدِرون عليها، حتى يغوصُوا بعد كدٍّ ومُؤنةٍ شديدةٍ، كانت تأتيهم يوم السبتِ شُرَّعًا، بيضًا سمانًا، كأنها الماخِضُ (١)، تَنْبطِحُ (٢) ظهورها لبطونها بأفنيتهم وأبنيتهم، فكانوا كذلك برهةً من الدهرِ، ثم إن الشيطان أوحى إليهم، فقال: إنما نُهيتُم عن أكلها يوم السبتِ، فخُذُوها فيه، وكُلُوها في غيره من الأيام. فقالتْ ذلك طائفةٌ منهم، وقالت طائفة منهم: بل نُهيتُم عن أكلِها وأخذها وصيدها في يومِ السبت. وكانوا كذلك حتى جاءت الجُمعة المقبلة، فعدَتْ طائفة بأنفُسِها وأبنائها ونسائها، واعتزلت طائفةٌ ذات اليمين وتَنحَّتْ، واعتزلت طائفةٌ ذات اليسار وسكتت، [وقال الأيمنون: الله ينهاكُم عن أن تعترضوا العقوبة اللهِ] (٣). وقال الأيسرون: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾؟ قال الأيمنون: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. أي: ينتَهُون، فهو أحبُّ إلينا ألا يُصابوا ولا يهلكوا، وإن لم ينتَهوا فمعذرةً إلى ربِّكم. فمضَوْا على الخطيئةِ، فقال الأيمنونَ: قد فعَلتم [يا أعداءَ] (٤)


(١) الماخض من النساء والإبل والشاء: التي قد اقترب ولادها. ينظر اللسان (م خ ض).
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "لسطح" غير منقوطة، وفى م: "تنتطح"، وفى نسخة من تفسير عبد الرزاق: "فتنطح". والمثبت موافق لنسخة من تفسير عبد الرزاق. وينظر تعليق الشيخ شاكر.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف، وفي تفسير عبد الرزاق: "فقال الأيمنون: ويلكم، الله الله، ننهاكم عن الله ألا تتعرضوا لعقوبة الله".
(٤) في ف: "بأعداء".