للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: إنما حرَّمَ عليكم أكْلَها يوم السبتِ، فاصْطادُوها يوم السبت وكُلوها فيما بعد. قوله: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾: صارَ القومُ ثلاثة أصنافٍ؛ أمَّا صِنفٌ فأَمْسَكُوا عن حُرمةِ الله ونَهَوا عن معصية الله، وأما صِنفٌ فأمسك عن حُرمة الله هيبةً للهِ، وأمّا صِنْفٌ فانتهكَ الحُرْمةَ ووقَع في الخطيئةِ.

حدَّثني محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد، عن ابن عباسٍ في قولِ اللهِ: ﴿حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾. قال: حُرِّمتْ عليهم الحيتانُ يوم السبتِ، وكانت تأتيهم يومَ السبت شُرَّعًا، بلاءً ابتلُوا به، ولا تأتيهم في غيره إلَّا أن يطلبوها؛ بلاءً أيضًا بما كانوا يفسُقون، فأخذوها يومَ السبت استحلالًا ومعصيةَ، فقال الله لهم: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾. إِلَّا طائفةً منهم لم يعتَدوا ونَهوْهم، فقال بعضُهم لبعضٍ: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا﴾ (١).

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مَّنْهُمْ لِمَ تَعظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ حتى بلَغَ: ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾: لعلّهم يتركون ما هم عليه. قال: كانوا قد بُلُوا بكفِّ الحيتانِ عنهم، وكانوا يسبتون في يوم السبت، ولا يعملون فيه شيئًا، فإذا كان يومُ السبت أتتهم الحيتان شُرَّعًا، وإذا كان غير يوم السبت لم يأتِ حوتٌ واحدٌ. قال: وكانوا قوما (٢) قد قَرِمُوا (٣) بحبِّ الحيتانِ ولَقُوا منه بلاءً، فَأَخَذَ رجلٌ منهم حوتًا، فربَطَ في ذَنَبِه خَيْطًا، ثم ربَطَهُ إلى خَشَفَةٍ (٤)،


(١) تفسير مجاهد ص ٣٤٥ من قوله: ليس فيه ابن عباس.
(٢) زيادة من: م.
(٣) في ف: "حرموا". وقرم إلى اللحم: اشتهاه، والقَرَم: شدة الشهوة إلى اللحم. اللسان (ق ر م).
(٤) في ص، س: "حفة"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "خسفة"، والخشفة، وبالحاء المهملة أيضا: حجارة تنبت في الأرض نباتا، أو صخرة رخوة في سهل من الأرض. اللسان (ح ش ف، خ ش ف).