للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورَّثَهم الله وعهِدَ إليهم، وقال الله في آيةٍ أخرى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [مريم: ٥٩]. قال: ﴿يَأخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾: تمنَّوا على الله أمانيَّ، وغرَّةٌ يغترُّون بها، ﴿وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ﴾: لا يشغَلُهم شيءٌ عن شيءٍ، ولا ينهاهم عن ذلك، كلَّما أشرف (١) لهم شيءٌ من الدنيا أكلوه، لا يُبَالُون حلالًا كان أو حراما (٢).

حدَّثنا محمد بن عبد الأعلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن مَعمرٍ، عن قَتادة: ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى﴾. قال: يأخُذونَه إن كان حلالًا وإن كان حرامًا، ﴿وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ﴾. قال: إن جاءهم حلالٌ أو حرامٌ أخذوه (٣).

حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضَّلِ، قال: ثنا أسباط، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾. قال: كانت بنو إسرائيلَ لا يسْتقضُون قاضيًا إلا ارتَشَى في الحكم، وإنّ خيارَهم اجتمَعوا فأَخَذَ بعضُهم على بعض العهود ألا يفعلوا، ولا يرتشُوا (٤)، فجعَل الرجلُ منهم إذا استقضي ارْتشَى، فيقالُ له: ما شأنُك ترتشي في الحُكْمِ؟ فيقولُ: سيُغفرُ لِي. فيطعُنُ عليه البقيةُ الآخرون من بنى إسرائيلَ فيما صنَعَ، فإذا ماتَ أو نُزِعَ، و (٥) جُعلَ مكانَه رجلٌ ممَّن كان يطعُنُ عليه فيرتشي. يقولُ (٦): وإن يأتِ الآخرين (٧) عرض الدنيا


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "وصف".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٠٦، ١٦٠٧ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٣٩ إلى عبد بن حميد، وأبى الشيخ.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٤٠ عن معمر به.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يرتش".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أو".
(٦) في ص: "فيقول"، وسقط من: ت ١، ت ٢، س، ف.
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الآخر".