للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لآدمَ، فكأنه لم يَكْرَهُه، فسَمَّتْه عبدَ الحارثِ، فذلك قولُه: ﴿لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا﴾. يقولُ: شِبْهنَا مِثْلَنَا. ﴿فَلَمَّاآتَيْتَنَا صَالِحًا﴾. قال: شِبْهَهما مِثْلَهما (١).

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَلَمَّا أَثْقَلَتْ﴾، كَبِر الولدُ في بطنِها، جاءَها إبليسُ، فخَوَّفَها وقال لها: ما يُدرِيك ما في بطنِك؟ لعلَّه كلبٌ أو خِنزيرٌ أو حمارٌ، وما يُدْرِيكِ مِن أين يَخْرُجُ؛ مِنْ (٢) دُبُرِك فيَقْتُلَك، أو من قُبُلِك، أو يَنْشَقُّ بطنُك فيَقْتُلَك؟ فذلك حِيَن ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا﴾. يقولُ: مِثْلَنَا - ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (٣).

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إِن اللَّهَ أَخْبرَ عن آدمَ وحواءَ، أنهما دَعَوَا اللَّهَ ربَّهما بحَمْلِ حواءَ، وأَقْسَما لئن أعْطاهما ما (٤) في بطنِ حواءَ صالحًا، ليَكُونَانِ للَّهِ مِن الشاكرين. والصَّلاحُ قد يَشْمَلُ معانىَ كثيرةً؛ منها الصلاحُ في اسْتِواءِ الخَلْقِ، ومنها الصلاحُ في الدِّينِ، والصلاحُ في العقلِ والتدبيرِ. وإذ كان ذلك كذلك، ولا خبرَ عن الرسولِ يُوجِبُ الحُجَّةَ بأنَّ ذلك على بعضِ (٥) معانِى الصلاحِ دونَ بعضٍ، ولا فيه مِن العقلِ دليلٌ - وَجَب أن يُعَمَّ كما عَمَّه اللَّهُ، فيقالَ: إنهما قالا: لئن آتَيْتَنا صالحًا. بجميعِ (٦) معاني الصلاحِ.

وأما معنى قولِه: ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾. فإنه: لَنَكونَنَّ مُمَّن يَشْكُرُك على ما وَهَبْتَ له مِن الولدِ صالحًا.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٢، ١٦٣٣، من طريق سالم بن أبى حفصة، عن سعيد بن جبير، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٢ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) في م: "أمن".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٢، ١٦٣٣ من طريق عمرو به نحوه.
(٤) سقط من: م.
(٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٦) في ت ١، س، ف: "لجميع".