للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّديِّ: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ لطلب المشركين (١).

ثم اختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بقوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنى بذلك أهلُ الإيمان من أصحاب رسول الله الذين كانوا معه حين توجَّه إلى بدرٍ للقاء المشركين.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما شاوَر النبيُّ في لقاء القوم، وقال له سعد بن عبادة ما قال، وذلك يوم بدرٍ؛ أمر الناسَ، فتعبَّوْا (٢) للقتال، وأمرهم بالشوكة، وكَرِه ذلك أهل الإيمان، فأنزل الله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ (٣).

حدَّثني ابن حميد، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاق، قال: ثم ذكر القوم، يعنى أصحابَ رسول الله ، ومسيرهم مع رسولِ اللهِ ، حين عرف القومُ أَن قريشًا قد سارت إليهم، وأنهم إنما خرجوا يريدون العِيرَ؛ طمعًا في الغنيمة، فقال: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ إلى قوله: ﴿لَكَارِهُونَ﴾. أي كراهية للقاء القوم، وإنكارًا لمسير قريش حين ذُكرُوا لهم (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٥٩ من طريق أحمد بن مفضل به.
(٢) يقال: عبأت الجيش عبئًا وعبيتهم تعبية؛ أي رتبتهم في مواضعهم وهيأتهم للحرب. ينظر التاج (ع ب أ).
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦٣ إلى المصنف.
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ٦٦٧ وهو جزء من الأثر الذى سبق تخريجه في الصفحة السابقة.