للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: عُنى بذلك المشركون.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾. قال: هؤلاء المشركون جادَلوك (١) في الحقِّ كأنما يُساقون إلى الموتِ حين يُدعَوْن إلى الإسلامِ، وهم ينظرون. قال: وليس هذا من صفة الآخرين، هذه صفةٌ مبتدأةٌ لأهل الكفر (٢).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا يعقوب بن محمدٍ، قال: ثنى عبدُ العزيزِ بن محمد، عن ابن أخى الزُّهريِّ، عن عمِّه، قال: كان رجلٌ من أصحاب رسول الله يفسِّرُ: ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾: خروج رسول الله إلى العير (٣).

قال أبو جعفرٍ: والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن عباس وابنُ إسحاقَ، من أن ذلك خبرٌ من الله عن فريق من المؤمنين أنهم كرِهُوا لقاء العدوِّ، وكان جدالهم نبيَّ الله أن قالوا: لم يُعلِمْنا أنّا نَلْقَى العدوَّ فنستعدَّ لقتالِهم، وإنما خرجنا للعير. ومما يدلُّ على صحّة (٤) قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾، ففى ذلك الدليل الواضح لمن فهِم عن الله أن القوم قد كانوا للشَّوْكَةِ كارِهين، وأن جدالهم كان في القتال، كما


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "جادلوه".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٦٠ من طريق أصبغ عن ابن زيد به.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦٤ إلى المصنف.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ف: "صحة". والصح بالضم، والصحة بالكسر، والصحاح بالفتح، الثلاثة بمعنًى. التاج (ص ح ح).