للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من السماءِ ماءً حتى سال الوادِى، فشرِب المسلمون وملئُوا الأَسْقِيةَ، وسقَوُا الرِّكابَ واغتسلوا من الجنابةِ، فجعَل الله فى ذلك طُهورًا، وثبَّتَ الأقدامَ، وذلك أنه كانت بينَهم وبينَ القومِ رمْلةٌ فبعَث اللهُ عليها المطرَ، فضربَها حتى اشْتدتْ، وثبتَتْ عليها الأقدامُ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: بينَا رسولُ اللهِ والمسلمون، فسبقهم المشركون إلى ماءِ بدرٍ، فنزَلُوا عليه، وانصرَف أبو سفيانَ وأصحابُه تلقاءَ البحرِ، فانطلقُوا. قال: فنزلُوا على أعلَى الوادِى، ونزَل محمدٌ في أسفلِه، فكان الرجلُ من أصحابِ محمدٍ يُجنِبُ فلا يقدرُ على الماءِ، فيصلِّى جُنُبًا، فألقَى الشيطانُ في قلوبِهم، فقال: كيف ترجُون أن تظْهَروا عليهم، وأحدُكم يقومُ إلى الصلاةِ جُنُبًا على غيرِ وضوءٍ؟! قال: فأرسَل اللهُ عليهم المطرَ، فاغتسَلوا وتوضئُوا وشرِبوا، واشتدَّتْ لهم الأرضُ، وكانت بطحاءَ تدخلُ فيها أرجلُهم، فاشْتدَّت لهم من المطرِ واشْتدُّوا عليها (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: قال: ابنُ عباسٍ: غلَب المشركون المسلمين فى أوَّلِ أمرِهم على الماءِ فظمِئَ المسلمون، وصلَّوا مُجْنبين، محدِثينَ، وكانت بينَهم رمالٌ، فألقى الشيطانُ في قلوبِ المسلمين (٣) الحزَنَ، فقال: تزعمون أن فيكم نبيًّا، وأنكم أولياءُ اللهِ، وقد غُلِبْتُم على الماءِ، وتصلُّون مُجنِبين محدِثين! قال: فأنزَل اللهُ ماءً من السماءِ، فسال كلُّ وادٍ،


(١) أخرجه ابن مردويه -كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٢/ ١٦، ١٧ - وأبو نعيمٍ في الدلائل (٤٠٠)، والبيهقى فى الدلائل ٣/ ٧٨، ٧٩ من طريق عبد الله بن صالح به نحوه.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٦٣.
(٣) في م: "المؤمنين".