للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واقتتلوا على كَثيبٍ أعْفَرَ، فلبَّده اللهُ بالماءِ، وشرِبَ المسلمون وتوضَّئوا وسقَوْا، وأذهبَ اللهُ عنهم وَسْواسَ الشيطانِ (١).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ، قال: نزل النبيُّ ، يعنى حينَ سارَ إلى بدرٍ، والمسلمون بينَهم وبين الماءِ رملةٌ دعْصَةٌ (٢)، فأصابَ المسلمين (٣) ضعفٌ شديدٌ، وألقى الشيطانُ في قلوبِهُم الغيظَ، فوسوَس بينهم: تزعمون أنكم أولياءُ اللهِ وفيكمْ رسولُه، وقد غلبكم المشركون على الماءِ وأنتم تُصلُّون مُجْنِبينَ! فأمطَر اللهُ عليهم مطرًا شديدًا، فشرِب المسلمون وتطهَّروا، وأذهَب اللهُ عنهم رِجْزَ الشيطانِ، وثَبَتَ الرملُ حين أصابه المطرُ، ومشى الناسُ عليه والدوابُّ، فسارُوا إلى القومِ، وأمدَّ الله نبيَّه بألفٍ من الملائكةِ، فكان جبريلُ في خمسِمائةٍ من الملائكةِ مُجنِّبةً، وميكائيلُ في خمسِمائةٍ مجنِّبةً (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: (إذ يغشاكم النعاسُ أمنةً منه) إلى قولِه: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾. وذلك أن المشركين من قريشٍ لما خرَجوا لينصُروا العِيرَ ويقاتلوا عنها، نزَلوا على الماءِ يومَ بدرٍ، فغلبوا المؤمنين عليه، فأصابَ المؤمنين الظمأُ، فجعلوا يُصَلُّون مجنِبينَ مُحدِثينَ، حتى تعاظم ذلك في صدورِ أصحابِ رسولِ اللهِ ، فأنزَل اللهُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٦٥ من طريق سعيد بن بشير عن قتادة مطولًا بنحوه.
(٢) في اللسان (د ع ص) الدعصاء: أرض سهلة فيها رملة تحمى عليها الشمس فتكون رمضاؤها أشدَّ من غيرها.
(٣) في ص، ت ١، س: "المسلمون".
(٤) مجنبة الجيش: هي التي تكون فى الميمنة والميسرة، وهما مجنبتان. النهاية ١/ ٣٠٣. والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٦٣.