للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن خُلْدًا كان. [فاغْتَمَز فيها] (١) منه الشيطانُ لمَّا سِمعَها منه، فأتاه مِن قِبَلِ الخُلْدِ (٢).

حَدَّثَنَا ابنُ حُميدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: حُدِّثْتُ أن أولَ ما ابْتَدَأهما به مِن كيدِه إياهما أنه ناح عليهما نِياحَةً (٣) حَزَّنتهما (٤) حينَ سمِعاها، فقالا له: ما يُبكِيك؟ قال: أَبْكِى عليكما؛ تَمُوتان فتُفارِقان ما أنتما فيه مِن النعمةِ والكَرامةِ. فوقَع ذلك في أنفسِهما، ثم أتاهما فوَسْوَس إليهما، فقال: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠]. وقال: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠، ٢١]. أى: تكونان ملَكَين، أو تَخلُدان -إن لَمْ تكونا ملَكَين- في نعمةِ الجنةِ، فلا تَمُوتان. يقولُ اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ (٥) [الأعراف: ٢٢].

وحَدَّثَنَي يونُسُ بنُ عبدِ الأعْلَي، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: وسْوَس الشيطانُ إلى حَوَّاءَ في الشجرةِ حتى أتَى بها إليها، ثم حسَّنها في عينِ آدمَ. قال: فدعاها آدمُ لحاجتِه. قالت: لا، إلَّا أن تَأْتىَ ههنا. فلما أتَى قالت: لا، إلَّا أن تَأْكُلَ مِن هذه الشجرةِ. قال: فأكَلا منها فبدَت لهما سَوءاتُهما. قال: وذهَب آدمُ هاربًا في الجنةِ، فناداه ربُّه: يا آدمُ، أمنِّى تَفِرُّ؟ قال: لا يا ربِّ، ولكن حَياءً منك. قال: يا آدمُ، أَنَّى أُتِيتَ؟ قال: مِن قِبَلِ حواءَ أى ربِّ. فقال اللهُ: فإن لها عليَّ أن أُدْمِيَها


(١) في م: "فاغتنمها". وقوله اغتمز فيها: يقال: سمعت منه كلمة فاغتمزتها في عقله، وأغمزت فيه، أى: وجدت فيه ما يستضعف لأجله. أساس البلاغة (غ م ز).
(٢) أخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ١١٠.
(٣) في ت ٢، ت ٣: "مناحة".
(٤) في م وتاريخ المصنّف: "أحزنتهما". وفى نسختين من نسخ التاريخ كالمثبت هنا.
(٥) أخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ١١٠، ١١١.