للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامةُ (١) الناسِ فترَكوه، إلا من حفِظه اللهُ منهم وهم قليلٌ، فمكَث بذلك ما قدَّر اللهُ أن يمكثَ، ثم ائْتَمرت رءوسُهم بأن يَفتِنوا من اتَّبَعه عن دينِ اللهِ من أبنائِهم وإخوانِهم وقبائِلهم، فكانت فتنةٌ شديدةُ الزلزالِ، فافتُتِن من افتُتِن، وعصَم اللهُ مَن شاء منهم، فلما فُعِل ذلك بالمسلمينَ أمَرهم رسولُ اللهِ أن يَخرُجوا إلى أرضِ الحبَشةِ، وكان بالحبشةِ مَلِكٌ صالحٌ يقال له: النَّجَاشِيُّ. لا يُظْلَمُ أحدٌ (٢) بأرضِه، وكان يُثْنَى عليه، مع ذلك صلاحٌ (٣)، وكانت أرضُ الحبشةِ مَتْجَرًا لقريشٍ يتَّجِرون فيها، ومساكنَ لتجارتهم يجدون فيها رَفاغًا (٤) مِن الرزقِ، وأمنًا ومتجرًا (٥) حَسَنًا، فأمَرهم بها النبيُّ ، فذهَب إليها عامتُهم لمَّا قُهِروا بمكةَ، وخافوا عليهم الفَتْنَ، ومكَث هو فلم يَبرَحْ، فمكَث بذلك (٦) سنواتٍ يَشتدُّون على من أسلمَ منهم، ثم إنه فشا الإسلامُ فيها، ودخَل فيه رجالٌ من (٧) أشرافِهم ومنعتِهم؛ فلما رَأوا ذلك استَرْخَوا استرخاءةً عن رسولِ اللهِ وعن أصحابِه، وكانت الفِتنةُ الأولى هي أخرجت مَن خرح مِن أصحابِ رسولِ اللهِ قِبَل أرضِ الحبشةِ مخافتَها، وفرارًا مما كانوا فيه من الفَتْنِ والزلزالِ، فلما استُرخِى عنهم ودخَل فى الإسلامِ من دخَل منهم، تُحُدِّث بهذا الاسترخاءِ عنهم، فبلَغ ذلك من كان بأرضِ الحبشةِ من أصحابِ رسولِ اللهِ ، أنه قد استُرخِى عمن كان منهم بمكةَ، وأنهم لا يُفْتَنون، فرجَعوا إلى مكةَ، وكادوا


(١) في ت ١: "طاعة".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) زيادة من التاريخ.
(٤) فى م، ف: "رتاعا"، وفى ت ١، س: "رباعا"، وفى ت ٢: "رقاعا"، والمثبت من التاريخ. والرَّفْغ: السعة من العيش. تاج العروس (ر ف غ).
(٥) فى ص: "منحرا".
(٦) في النسخ: "ذلك". والمثبت من التاريخ.
(٧) بعده فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "ذوى".