للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن قرَأ ذلك بالياء، يُوَجِّهُ "سبقوا" إلى "سابقين" على هذا [المعنى.

والوجهُ الثاني: على أنه أراد إضْمارَ منصوبٍ بـ "يحسب" كأنه قال: ولا يَحْسَبُ الذين كفَروا أنهم سبَقوا. ثم حذَف "أنهم" (١) وأضْمَرَ.

وقد وجَّه بعضُهم معنى قوله: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥]. إنما ذلكم الشيطانُ يُخَوِّفُ المؤمنَ مِن أوليائه، وأن ذِكْرَ المؤمنِ مُضْمَرٌ في قوله: ﴿يُخَوِّفُ﴾. إذ كان الشيطانُ عنده لا يُخَوِّفُ أولياءه.

وقرَأ ذلك بعضُ أهل الشام: (ولا تَحْسَبَنَّ الذين كفروا) بالتاءِ مِن "تحسين"، (سبَقوا أنهم لا يُعْجِزون) بفتحِ الألفِ مِن "أنهم" (٢)، بمعنى: ولا تَحْسَبَنَّ الذين كفَروا أنهم لا يُعْجِزون.

ولا وجهَ لهذه القراءةِ يُعْقَلُ إلا أن يَكونَ أراد القارئ بـ "لا" التي في ﴿يُعْجِزُونَ﴾ "لا" التي تَدْخُلُ في الكلامِ حَشْوًا وصِلَةً، فيكونَ معنى الكلامِ حينئذٍ: ولا تَحْسَبَنَّ الذين كفروا سبَقوا أنهم يُعْجِزون (٣). ولا وجهَ لتوجيهِ حرفٍ في كتابِ اللَّهِ إلى التطويلِ بغيرِ حُجَّةٍ يَجِبُ التسليمُ لها، وله في الصحةِ مَخْرَجٌ.

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندى قراءةُ مَن قرَأ: (ولا تَحْسَبَنَّ) بالتاء، (الذين كفَروا سبَقوا إنهم) بكسر الألف مِن ﴿إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾. بمعنى: ولا تَحْسَبَنَّ أنت يا محمدُ الذين جحَدوا حججَ اللَّهِ، وكذَّبوا بها سبَقونا بأنفسِهم] (٤)،


(١) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "الهمز"، والصواب ما أثبتناه، وينظر تفسير الطبري بتحقيق الشيخ شاكر.
(٢) هذه قراءة ابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٣٠٨، والكشف ١٢/ ٤٩٤، والتيسير ص ٩٦.
(٣) في ت ١، ت ٢، س، ف: "لا يعجزون".
(٤) سقط من: ص.