حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: قال محمدُ بنُ إسحاقَ، ثنى عبدُ اللَّهِ بن أبي نجيحٍ المكيُّ، عن عطاءِ بن أبي رباحٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عباسٍ، قال: لمَّا نَزَلت هذه الآيةُ، ثقُلَت على المسلمين، وأعْظَموا أن يُقاتِلَ عشرون مائتين، ومئةٌ ألفًا، فَخَفَّفَ اللَّهُ عنهم، فنَسَخها بالآيةِ الأخرى فقال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ﴾. قال: وكانوا إذا كانوا على الشَّطْرِ من عدوِّهم لم يَنْبغِ لهم أن يَفِرُّوا منهم، وإن كانوا دونَ ذلك لم يَجِبْ عليهم أن يُقاتِلوا، وجازَ لهم أن يَتَحوَّزوا عنهم (١).
حدَّثني المثنى، قال ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، قال: كان لكلِّ رجلٍ مِن المسلمين عشرَةٌ، لا ينبغى له أن يَفِرَّ منهم، فكانوا كذلك حتى أنزلَ اللَّهُ: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، فَعَبَّأ لكلِّ رجلٍ مِن المسلمين رجلين مِن المشركين، فنسَخ الأمرَ الأَوَّلَ. وقال مرَّةً أخرى في قولِه: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾. فأمَر اللَّهُ الرجلَ مِن المؤمنين أن يُقاتِلَ عشرةً مِن الكفارِ، فَشَقَّ ذلك على المؤمنين، ورَحِمَهم اللَّهُ فقال: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ
(١) في ف: "عليهم". والحديث في سيرة بن هشام ١/ ٦٧٥، ٦٧٦، وأخرجه إسحاق بن راهويه - كما في الدر المنثور ٣/ ٢٠٠ - ومن طريقه الطبراني في الأوسط (٨١٠٧)، وابن مردويه - كما في الدر - ومن طريقه الضياء في المختاره (٤٨٩) - وابن حبان (٤٧٧٣)، والطبراني (١١٣٩٦) من طريق ابن إسحاق به، وأخرجه ابن المبارك في كتاب الجهاد (٢٣٥)، وسعيد بن منصور في سننه (١٠٠١ - تفسير)، والبيهقى ٩/ ٧٦ من طريق ابن أبي نجيح به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٨ من طريق عطاء به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.