للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. فأمرَ اللَّهُ الرجلَ مِن المؤمنين أن يُقاتِلَ رجلين مِن الكفار.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾، إلى قولِه: ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾: وذلك أنه كان جعَل على كلِّ رجلٍ من المسلمين عشرةً من العدوِّ يُؤشِّبُهم - يعنى: يُغْرِيهم - بذلك، ليُوَطِّنوا أنفسَهم على الغزوِ (١)، وأن اللَّهَ ناصِرُهم على العدوِّ، ولم يكنْ أمرًا عَزَمَه اللَّهُ عليهم ولا أوجَبَه، ولكن كان تَحْريضًا ووصيةً أمَرَ اللَّهُ بها نبيَّه، ثم خَفَّفَ عنهم فقال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا﴾، فجَعَل على كلِّ رجلٍ رجلين بعدَ ذلك تخفيفًا؛ ليعلمَ المؤمنون أن اللَّهَ بهم رحيمٌ، فَتَوَكَّلوا على اللَّهِ، وصبَروا (٢) وصَدَقوا (٣). ولو كان عليهم واجبًا، كفَّروا (٤) إذنْ: كلُّ (٥) رجلٍ مِن المسلمين [نكَل] (٦) عمن لَقِىَ مِن الكفار إذ (٧) كانوا أكثرَ منهم فلم يُقاتِلوهم، فلا يَغُرَّنَّك قولُ رجالٍ، فإني قد سَمِعتُ رجالًا يقولون: إنه لا يَصلُحُ لرجلٍ من المسلمين أن يُقاتِلَ حتى يكونَ على كلِّ رجلٍ رجلان، وحتى يكونَ على كلِّ رجلين أربعةٌ، ثم بحسابِ ذلك، وزَعَموا أنهم يَعْصُون اللَّهَ إن قاتلوا حتى يَبْلُغوا عِدَّةَ ذلك، وأنه لا


(١) في ص، ت ٢: "العزو"، وفي ت ١، س، ف: "العدو".
(٢) في م: "اصبروا".
(٣) في م: "اصدقوا".
(٤) في م: "الغزو".
(٥) بعده في م: "بعد".
(٦) زيادة يقتضيها السياق، وينظر تفسير الطبرى بتحقيق الشيخ شاكر ١٤/ ٥٣.
(٧) في ص، م، ت ١، س، ف: "إذا".