للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وكنتمُ أذِلَّةً فأعَزَّكم الله". فقد عَلِمَت العرب ما كان حيٌّ من أحياء العرب أمنعَ لِما وراء ظهورهم مِنَّا. فقال عمر: يا سعدُ، أنذرِى مَن تُكَلِّمُ! فقال: نعم، أُكَلِّمُ رسول الله . فقال رسول الله: "والذي نَفْسي بيده، لو سَلَكَتِ الأنصار وادِيًا والناسُ وادِيًا، لسَلَكْتُ وَادِىَ الأنصار، ولولا الهجرة لكنتُ امْرًا من الأنصارِ" (١).

وذُكر لنا أن نبي الله كان يقولُ: "الأنصارُ كَرِشِى وعَيْبَتِي، فاقبَلوا مِن مُحْسِنِهم، وتَجاوزُوا عن مُسِيئِهم". ثم قال رسول الله : "يا معشرَ الأنصارِ، "أمَا تَرْضَون أن يَنْقَلِبَ الناسُ بالإبل والشَّاءِ، وتَنْقَلِبُون برسول الله إلى بُيُوتِكم؟ ". فقالت الأنصارُ: رَضِينا عن الله ورسولِه، والله ما قلنا ذلك إلا [ضِنًّا برسولِ] (٢) الله . فقال رسول الله : "إن الله ورسولَه يُصدِّقانِكم ويَعْذِرانِكم" (٣).

حدثنا بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا لنا أنّ أُمَّ رسول الله التي أَرْضَعَته، أو ظِئْرَه مِن بنى سعد بن بكر، أتته فسألَته سَبَايا يومِ حُنَين، فقال رسولُ الله : "إنى لا أُمْلِكُهم، وإنما لي منهم نَصيبي، ولكن ائْتِيني غدًا فَسَلِينى والناسُ عندى، فإنى إذا أَعْطَيْتُكِ نَصِيبى أعطاك الناسُ". فجاءت الغدَ، فبَسَط لها ثوبًا، فقَعَدَت عليه، ثم سألَته، فأعطاها نصيبَه، فلما رأى ذلك الناسُ أعْطَوها أنصباءهم (٤).

حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضَّلِ، قال: ثنا أسباط، عن السُّدِّيِّ: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ الآية، إن رجلا من أصحاب


(١) أخرجه البخارى (٤٣٣٠)، ومسلم (١٠٦١) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(٢) في م: "حرصا على رسول".
(٣) أخرجه مسلم (١٧٨٠/ ٨٤) من حديث أبي هريرة.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره ٨/ ١٠٢.