للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى الله أنهم قد أضاعوا التوراةَ، وعَمِلوا بالأهْواءِ، رَفَعَ اللَّهُ عنهم التابوتَ، وأنساهم التوراة، ونَسَخَها من صدورهم، وأرسل الله عليهم مَرَضًا، فاسْتَطْلَقَت بُطونُهم، حتى جَعَل الرجلُ يمشى كَبِدُه، حتى نَسُوا التوراة، ونُسِخَت من صُدورِهم، وفيهم عُزَيرٌ. فمَكَثوا ما شاء الله أن يمكثوا بعد ما نُسِخَت التوراة من صدورهم، وكان عزيز قبلُ مِن عُلمائهم، فدَعا عُزَيرٌ الله، وابْتَهَل إليه أن يَرُدَّ إليه الذي نُسِخَ من صدره (١) من التوراة. فبينما هو يُصَلِّي مُبْتِهِلًا إلى اللهِ، نَزَل نورٌ مِن الله فدخل جَوْفَه، فعاد إليه الذي كان ذَهَب مِن جوفه من التوراة، فأذن في قومه، فقال: يا قوم، قد آتانى الله التوراة وردّها إليَّ. فعَلِق (٢) يُعَلِّمُهم، فمَكَثوا ما شاء الله وهو يُعَلِّمُهم. ثم إن التابوتَ نَزَل بعد ذلك وبعدَ ذَهابه منهم، فلما رأوا التابوتَ عَرَضوا ما كان فيه على الذي كان عُزَيرٌ يُعَلِّمُهم، فوجدوه مثله، فقالوا: والله ما أُوتى عُزَيرٌ هذا إلا أنه ابن اللهِ (٣).

حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّل، قال: ثنا أسباط، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾: إنما قالت ذلك لأنهم ظَهَرَت عليهم العَمالقةُ فقَتَلوهم، وأخَذوا التوراةَ، وذَهَب علماؤُهم الذين بَقُوا، فدفنوا (٤) كُتُبَ التوراة في الجبالِ. وكان عُزَيرٌ غلامًا يَتَعَبَّدُ في رءوس الجبالِ، لا يَنزِلُ إلا يوم عيدٍ. فجعل الغلام يَبْكِى ويقولُ: ربِّ، تَرَكْتَ بنى إسرائيلَ بغير عالمٍ. فلم يَزَلْ يَبْكِي حتى سَقَطَت أشْفارُ عينيه، فنزل مَرَّةً إلى العيدِ، فلما رَجَع إذا هو بامرأةٍ قد مَثَلَتْ له


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "صدورهم".
(٢) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "به".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٨١ عن محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢٩ إلى ابن إسحاق وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "وقد دفنوا".