للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينارٌ، فقال رسولُ اللهِ : "كَيَّةٌ". ثم تُوفِّيَ آخَرُ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِه ديناران؛ فقال نبيُّ اللهِ : "كَيَّتان" (١).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ، عن منصورٍ، عن سالمٍ، عن ثوبان، قال: كُنَّا في سَفَرٍ، ونحن نَسِيرُ مع رسول الله قال المهاجرون: لَوَدِدْنا أَنَّا عَلِمْنَا أَيُّ المالِ خيرٌ فنَتَّخِذَه؟ إذ نَزَل في الذهبِ والفضةِ ما نَزَلَ، فقال عمر: إن شئتم سألتُ رسول الله عن ذلك. فقالوا: أجلْ. فانطَلَق فتَبِعْتُه أوضعُ (٢) على بَعيرى، فقال: يا رسول الله، إن المهاجرين لمَّا أُنزِل في الذهبِ والفضةِ ما أُنزِل، قالوا: وَدِدْنا أَنَّا عَلِمْنا أي المالِ خيرٌ فنَتَّخِذَه؟ قال: "نعم، فيَتَّخِذُ أحدُكم لسانا ذاكرًا، وقَلْبًا شاكرًا، وزوجةً تُعِينُ أحدكم على إيمانه" (٣).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصحة القول الذي ذُكر عن ابن عمرَ، مِن أن كلَّ مالٍ أُدِّيتْ زكاتُه فليس بكَنْزٍ يَحْرُمُ على صاحبِه اكْتنازُه وإن كَثُر، وأن كلَّ مالٍ (٤) لم تُؤَدَّ زكاتُه، فصاحِبُه مُعاقَبٌ مُسْتَحِقٌّ وعيدَ اللَّهِ، إلا أن يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عليه بعَفْوِه وإن قلَّ، إذا كان مما يجبُ فيه الزكاةُ. وذلك أن الله أوجب في خمس أَوَاقٍ مِن الوَرِقِ على لسان رسوله رُبُعَ عُشْرِها، وفى عشرين مثقالًا من الذهب مثلَ ذلك، رُبُعَ عُشْرِها، فإذ كان ذلك فَرْضَ الله في الذهبِ والفضةِ على لسانِ رسولِه، فمعلوم أن الكثير من المال وإن بلغ في الكثرة ألوفَ ألوفٍ، لو كان - وإن أُدِّيت زكاته - من الكنوزِ التي أوعد الله أهلَها عليها العقابَ، لم يكن فيه الزكاة التي ذكرنا


(١) أخرجه الطبراني (٧٥٧٣) من طريق يزيد به، وأخرجه أحمد ٥/ ٢٥٣ (الميمنية) من طريق سعيد به.
(٢) الإيضاع: أن يعدى بعيره ويحمله على العدو الحثيث. تهذيب اللغة ٣/ ٧٣.
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ١٨٢ من طريق جرير به.
(٤) في م: "ما".