للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن رُبُعِ العُشْرِ؛ لأن ما كان فَرْضًا إخراجُ جميعِه من المال وحرام اتِّخاذُه، فزكاتُه الخروجُ من جميعِه إلى أهله لا رُبُعُ عُشْرِه. وذلك مثلُ المالِ المغصوبِ الذي هو حرامٌ على الغاصبِ إمساكُه، وفرضٌ عليه إخراجه من يده إلى يده، فالتَّطَهُّرُ منه ردُّه إلى صاحبِه. فلو كان ما زادَ مِن المالِ على أربعة آلاف درهم، أو ما فَضَل عن حاجة ربِّه التي لا بدَّ منها، مما يَسْتَحِقُّ صاحبه باقتنائه - إذا أدَّى إلى أهلِ السُّهْمانِ حُقُوقهم منها مِن الصدقةِ - وعيدَ اللهِ، لم يكن اللازم ربَّه فيه رُبُعَ عُشْرِه، بل كان اللازم له الخروج من جميعه إلى أهلِه وصَرْفَه فيما يَجِبُ عليه صَرْفُه، كالذى ذكرنا من أن الواجب على غاصب رجل ماله رَدُّه على ربِّه.

وبعد، فإن فيما حدَّثنا محمد بن عبدِ الأعْلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، قال: قال مَعْمَرٌ: أَخبرنى سُهَيلُ بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، أن رسول الله قال: "ما مِن رجلٍ لا يُؤَدِّي زكاة مالِه، إلا جُعِل يوم القيامة صفائحَ من نارٍ يُكْوَى بها جنبيه (١) وجَبْهتُه وظَهْرُه، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةٍ، حتى يُقْضَى بين الناسِ، ثم يُرى سبيلُه، وإن كانت إبِلًا إلا يُطِحَ لها بِقاعٍ قَرْقَرٍ (٢) تَطَؤُه بأخْفافِها - حَسِبْتُه قال: وتَعُضُّه بأَفْواهِها - يُرَدُّ أُولاها على أُخراها، حتى يُقْضَى بينَ الناسِ، ثم يُرى سبيلُه، وإن كانت غَنَمًا فمثلُ ذلك، إلا أنها تَنْطَحُه بقُرُونِها، وتَطَوُه بِأَظْلَافِها" (٣).


(١) في م: "جنبه"، وفى ص، س، ف: "حبينه".
(٢) بطح: قيل ألقى على وجهه، وقيل أصله في اللغة البسط والمد، فقد يكون على وجهه وقد يكون على ظهره، والقاع: المستوى الواسع من الأرض، وكذلك القرقر. ينظر صحيح مسلم بشرح النووى ٧/ ٦٤.
(٣) أخرجه النَّسَائِي في الكبرى (١١٦٢١) عن محمد بن عبد الأعلى به مختصرا. وأخرجه الطيالسي=