للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى نظائرِ ذلك من الأخبار التي كَرِهْنا الإطالة بذِكْرِها - الدلالة الواضحة على أن الوعيدَ إنما هو من الله على الأموالِ التي لم تُؤَدَّ الوظائف المفروضة فيها لأهلها مِن الصدقة، لا على اقتنائها واكتنازها.

وفيما بَيَّنَّا من ذلك البيانُ الواضحُ على أن الآية لخاصٍّ، كما قال ابن عباسٍ، وذلك ما حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. يقولُ: هم أهل الكتاب. وقال: هي خاصَّةٌ وعامةٌ.

يعنى بقوله: هي خاصَّةٌ وعامَّةٌ: هي خاصة في (١) المسلمين في من لم يُؤَدِّ زكاةَ ماله منهم، وعامة في أهلِ الكتابِ؛ لأنهم كفارٌ لا تُقْبَلُ منهم نَفَقاتُهم إن أَنْفَقوا.

يدلُّ على صحة ما قُلنا في تأويل قولِ ابن عباس هذا ما حدثني المثنَّى، قال: ثنا عبد اللهِ، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباس قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَها﴾. إلى قوله: ﴿هَذَا مَا كَنَرْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾. قال: هم الذين لا يُؤدُّون زكاةَ أموالهم. قال: وكلُّ مال لا تُؤَدَّى زكاتُه، كان على ظهرِ الأرضِ أو في بطنِها، فهو كَنزٌ، وكلُّ مال تُؤَدَّى زكاتُه فليس بكَنْزٍ، كان على ظهرِ الأَرضِ أو في بَطْنِها (٢).


= (٢٥٦٢)، وأحمد ١٣/ ٧ (٧٥٦٢)، ومسلم (٩٨٧/ ٢٦)، وأبو داود (١٦٥٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٩٠ من طريق سهيل به وأخرجه البخارى (٢٣٧١، ومسلم (٢٤/ ٩٨٧) من طريق أبي صالح به مطولا.
(١) في النسخ: "من" والمثبت هو الصواب.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣٢ إلى ابن المنذر، وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١٩٠ من طريق عكرمة عن ابن عباس مختصرًا.