للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحافظةِ عليهنَّ بأمرِه بالمحافظةِ على الصلاة الوسطى، ولكنه تعالى ذكره زادها تَعْظِيمًا، وعلى المحافظة عليها توكيدًا، وفى تضييعها تشديدا. فكذلك ذلك في قوله: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدَّينُ الْقَيَّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾.

وأما قوله: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾. فإنه يقول جل ثناؤه: وقاتِلوا المشركين باللَّهِ أَيُّها المؤمنون جميعًا غير مختلفين، مؤتلفين غير متفرقين (١)، كما يُقاتِلُكم المشركون جميعًا مُجْتَمِعين غيرَ مُتَفَرِّقين.

كما حدَّثني محمد بن الحسينِ، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدِّيِّ: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾: أما ﴿كَافَّةً﴾ فجميعٌ وأمرُكم مُجْتَمِعُ (٢).

حدثني المُثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾. يقولُ: جميعا (٣).

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾. أي: جميعًا.

والكافة في كلِّ حالٍ على صورة واحدة لا تُذكَّرُ ولا تُجمَعُ؛ لأنها وإن كانت بلفظ "فاعلةٍ"، فإنها في معنى المصدر، كالعافية والعاقبةِ، ولا تُدْخِلُ العرب فيها الألف واللامَ؛ لكونها آخر الكلام، مع الذي فيها من معنى المصدرِ، كما لم يُدخِلوها إذا قالوا: قاموا معًا، وقاموا جميعًا.


(١) في ص، ت ١ ف: "متفقين"، وفى م: "مفترقين".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٣ من طريق أحمد بن المفضل به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٣ من طريق أبي صالح به.