للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحِمْصَ، قد فَضَل عنها (١) مِن عِظَمِه، يريدُ الغَزْوَ، فقلتُ له: لقد أعذَر الله إليك. فقال: أبَتْ علينا سورةُ "البحوث (٢) "؛ ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين بالنَّفْرِ الجهادِ أعدائه في سبيله، خفافًا وثِقالًا. وقد يَدْخُلُ في الخفافِ كلُّ مَن كان سَهْلًا عليه النَّفْرُ؛ لقُوَّةِ بَدَنِه على ذلك، وصِحَّةِ جسمه وشَبابِه، ومَن كان ذا يُسْرٍ (٤) بمالٍ وفَراغٍ مِن الاشتغال، وقادرًا على الظَّهْرِ والرِّكابِ، ويَدْخُلُ في الثِّقَالِ كلُّ مَن كان بخلاف ذلك، من ضعيف الجسم وعليله وسَقِيمه، ومِن مُعْسِرٍ مِن المال، ومُشْتَغِلٍ بضَيْعةٍ ومَعاشٍ، ومَن كان لا ظَهْرَ له ولا ركاب، والشيخ ذو السِّنِّ والعيال.

فإذ كان قد يَدْخُلُ في الخفافِ والثِّقَالِ مَن وَصَفْنَا مِن أهل الصفاتِ التي ذكرنا، ولم يَكُن الله جلّ ثناؤُه خَصَّ مِن ذلك صِنْفًا دونَ صِنْفٍ في الكتاب، ولا على لسان الرسول ، ولا نَصَبَ على خُصوصه دليلًا - وَجَب أن يقال: إِن الله جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحابِ رسوله بالنَّفْرِ للجهاد في سبيله خِفَافًا وثِقَالًا مع رسوله ، على كل (٥) حالٍ مِن أحوال الخِفَّة والثِّقل.

حدَّثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن سعيدِ بن


(١) في م: "عنه". وفي مجمع الزوائد: "عليها". قال الشيخ شاكر: التابوت مذكر وقد يؤنث.
(٢) في م، ومجمع الزوائد: "البعوث".
(٣) أخرجه الطبراني ٢٠/ ٢٣٦ (٥٥٦)، والحاكم ٣/ ٣٤٩ من طريق بقية به، وأخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٣١٥، ٣١٦، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٠٢ من طريق حريز به، وأخرجه البيهقى ٩/ ٢١ من طريق جبير بن نفير عن المقداد بنحوه.
(٤) في م: "تيسر".
(٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.