كتاب تفسير الطبري جامع البيان - ت التركي

القول في تفسير السورة التي يذكر فيها البقرة - القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾. - ج: 1 - ص: 618

فإن قال قائلٌ: قد علِمنا معنى الأمرِ بالاستعانةِ بالصبرِ على الوَفاءِ بالعهدِ والمحافظةِ على الطاعةِ، فما معنى الأمرِ بالاستعانةِ بالصلاةِ على طاعةِ اللهِ وتركِ مَعاصِيه، والتَّعَرِّى عن الرِّياسةِ وترْكِ الدنيا؟

قيل: إن الصلاةَ فيها تلاوةُ كتابِ اللهِ جل ثناؤه، الداعيةِ آياتهُ إلى رفضِ الدنيا، وهجرِ نَعيمِها، المُسَلِّيةِ النفوسَ عن زينتِها وغُرورِها، المُذَكِّرةِ الآخرةَ وما أعدَّ اللهُ فيها لأهلِها، ففي الاعتبارِ بها المعونةُ لأهلِ طاعةِ اللهِ ﷻ على الجِدِّ فيها، كما رُوِى عن نبيِّنا ﷺ ـ أنه كان إذا حزَبَه أمرٌ (١) فزِع إلى الصلاةِ.

حدَّثنى بذلك إسماعيلُ بنُ موسى الفَزاريُّ، قال: أخبرنا الحسينُ (٢) بنُ زياد (٣) الهَمْدانيُّ، [عن ابنِ جُرَيجٍ] (٤)، عن عكرمةَ بنِ عمارٍ، عن محمدِ بنِ عُبَيدِ بنِ أبي قُدامةَ، عن عبدِ العزيزِ بنِ اليمَانِ، عن حُذيفةَ، قال: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا حزَبه أمرٌ فزِع إلى الصلاةِ (٥).

---

(١) حزَبه أمر: أي إذا نزل به مُهِمٌّ أو أصابه غم. النهاية ١/ ٣٧٧.
(٢) كذا في النسخ، والصواب: الحسن. كما في الثقات ٨/ ١٦٨ والمصادر، ولعله: الحسن بن زياد اللؤلؤى، وهو ضعيف، والله أعلم.
(٣) سقط من: ر، وفي م: "رتاق".
(٤) سقط من: ص، وفي م، ر: "عن ابن جرير".
(٥) إسناده ضعيف؛ عبد العزيز بن اليمان مجهول. وأخرجه ابن قانع في معجمه ٢/ ١٨٩ عن العنزى -هو الحسن بن عليل- عن إسماعيل به. وأخرجه ابن قانع أيضًا، وابن منده -كما في أسد الغابة ٣/ ٥٠٦، ٥٠٧ - من طريق عمر بن إبراهيم ومحمد بن إسحاق الثقفي، عن إسماعيل به، ولم يذكرا في إسناده حذيفة. وهكذا ذكره ابن حبان في الثقات ٨/ ١٦٨، والمزى في التحفة ٣/ ٥٠. ووقع في أسد الغابة، والتحفة: محمد بن عبد الله بن أبي قدامة. وينظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على المسند ١٠/ ٥٧ (٦٥٤٨).
وأخرجه البخاري في الكبير ١/ ١٧٢ معلقا عن النضر بن محمد الجرشى، عن عكرمة به موصولا.