للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النونَ وتُضِيفُ في الأسماءِ المبْنِيَّةِ مِن الأفعالِ إذا كانت بمعنى "فَعَل"، فأما إذا كانت بمعنى "يفْعَل"، و"فاعِل"، فشأنُها إثباتُ النونِ وتركُ الإضافةِ.

قيل: لا تَدافُعَ بينَ جميعِ أهلِ المعرفةِ بلغاتِ العربِ وأَلْسُنِها في إجازةِ إضافةِ الاسمِ المَبنيِّ من "فَعَل" و"يفعَلُ"، وإسقاطِ النونِ، وهو بمعنى "يفْعَل"، و"فاعِل" -أعْنِى بمعنى الاسْتِقْبالِ وحالِ الفعلِ- ولمَّا يَنْقَضِ، فلا وجهَ لمسألةِ السائلِ عن ذلك لمَ قيل.

وإنما اخْتَلَف أهلُ العربيةِ في السببِ الذى مِن أجلِه أُضِيفَ وأُسْقِطَت النونُ؛ فقال نحْويُّو البصرةِ: أُسْقِطَت النونُ مِن ﴿مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ وما أشْبَهَه مِن الأفعالِ التى في لفظِ الأسماءِ، وهى في معنى "يفعل"، أو فى (١) معنى ما لَمْ يَنْقَضِ [من الفعلِ] (٢)، اسْتِثْقالًا لها، وهى مُرادةٌ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥]. وكما قال: ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ﴾ [القمر: ٢٧]. ولمَّا يُرْسِلْها بعدُ، وكما قال الشاعر (٣):

هل أنتَ باعثُ دينارٍ لحاجتِنا … أوَ عبدَ رَبٍّ أخا عَوْنِ بنِ مِخْراقِ

فأضاف "باعث (٤) " إلى "الدينارِ" ولمَّا يَبْعَثْ، ونصَب "عبدَ ربٍّ" عطفًا على موضعِ "دينارٍ"؛ لأنه في معنى (٥) نصبٍ وإن خُفِض، وكما قال الآخرُ (٦):

والحافظو عورةِ العَشِيرةِ لا … يَأْتِيهمُ مِن وَرائِهم نَطَفُ (٧)


(١) في ص، ر، م: "وفى".
(٢) سقط من: ص، ر، م.
(٣) الكتاب لسيبويه ١/ ١٧١، وذكر الاختلاف في نسبته في الخزانة ومما قيل: إنه مصنوع. ثم قال: والله أعلم بالحال. الخزانة ٨/ ٢١٩.
(٤) في الأصل، م، ت ١، ت ٢: "باعثا".
(٥) في م: "موضع".
(٦) الكتاب ١/ ١٨٦، وينظر الخلاف في نسبته في الخزانة ٤/ ٢٨٣.
(٧) النطف: العيب والشر والفساد. القاموس المحيط (ن ط ف).