للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُكَلِّمُني، فبَينا أنا ذاتَ يومٍ، إذ سمعتُ رجلًا على الثَّنيَّةِ يقولُ: [كعبُ كعبُ] (١). حتى دنا مني، فقال: بَشِّروا كعبًا (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وَهْبٍ، قال: أخبَرني يونسُ، عن ابن شهابٍ، قال: غَزا رسول الله عزوة تبوكَ، وهو يريدُ الرومَ ونصارى العرب بالشام، حتى إذا بلغ تبوك، أقامَ بها بضعَ عَشرةَ ليلةً، ولَقِيَه بها وفد أذْرُحَ (٣) ووفدُ أيْلةَ (٤)، فصالحهم (٥) رسولُ اللهِ على الجزية، ثم قَفَلَ رسولُ اللهِ مِن تبوك ولم يُجاوِزْها، وأنزل الله: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ الآية. والثلاثةُ الذين خُلِّفُوا رَهْطُ منهم؛ كعبُ بنُ مالكٍ، وهو أحدُ بنى سَلِمةَ، ومُرارةُ بنُ ربيعة، وهو أحدُ بني عمرو بن عوفٍ، وهلالُ بنُ أميةَ، وهو من بنى واقفٍ، وكانوا تَخَلَّفوا عن رسول الله في تلك الغزوة، في بضعةٍ وثمانين رجلًا، فلما رجع رسول الله إلى المدينة، صَدَقَه أولئك حديثَهم، واعتَرَفوا بذنوبهم، وكَذَبَ، سائرُهم، فحَلَفوا لرسولِ اللهِ ما حبَسهم إلا العُذْرُ، فقَبِلَ منهم رسولُ اللهِ وبايَعَهم، ووَكَلَهم في سرائرهم إلى اللهِ، ونهى رسولُ الله عن كلام الذين خُلِّفوا، وقال لهم حينَ حَدَّثوه حديثهم، واعْتَرَفوا بذنوبهم: "قد صَدَقْتُم فقوموا حتى يَقْضِيَ اللهُ فيكم". فلما أنزل الله


(١) في المسند: "كعبا كعبا".
(٢) أخرجه أحمد ٢٥/ ٥١ (١٥٧٧١)، والطبرانى ١٩/ ١٠١ (٢٠٢) من طريق ابن علية به.
(٣) أذرُح: اسم بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة ثم من نواحى البلقاء وعمان مجاورة لأرض الحجاز. معجم البلدان ١/ ١٧٤.
(٤) أيلة: مدينة على ساحل بحر القُلزُم مما يلى الشام، وقيل هي آخر الحجاز وأول الشام. معجم البلدان ١/ ٤٢٢.
(٥) في م: "صالحهم".