للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ﴾. يقولُ: ثم يُعِيدُه من بعد مماتِه كهيئتِه قبلَ مماتِه عندَ بعثِه من قبره. ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، يقولُ: ليُثِيبَ (١) مَن صَدَّقَ الله ورسوله، وعَمِلوا بما (٢) أَمَرَهم الله به مِن الأعمال، واجْتَنَبوا ما نَهاهم عنه، على أعمالِهم الحسنة. ﴿بِالْقِسْطِ﴾. يقولُ: ليَجْزِيَهم على الحَسَنِ مِن أعمالِهم التي عَمِلوها في الدنيا، الحسنَ من الثوابِ، والصالحَ مِن الجزاءِ في الآخرة، وذلك هو القِسْطُ. والقِسْط: العدلُ والإنصافُ.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿بِالْقِسْطِ﴾: بالعدل (٣).

وقولَه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ فإنه جلَّ ثناؤُه ابْتَدَأَ الخبر عما أَعَدَّ للذين كفَروا من العذابِ، وفيه معنى العطف على الأول؛ لأنه تعالى ذكرُه عَمَّ بالخبر عن مَعادِ جميعهم، كفارِهم ومُؤمنيهم، إليه، ثم أخبرَ أن إعادتَهم ليَجْزِيَ كلَّ فريقٍ بما عمِل؛ المحسنَ منهم بالإحسانِ، والمُسيء بالإساءة. ولكن لمَّا كان قد تَقدَّمَ الخبرُ المُسْتأنَفُ، عما أَعَدَّ للذين كفَروا من العذابِ، ما يَدُلُّ سامعَ ذلك على المرادِ، ابْتَدَأ الخبرَ، والمعنيُّ العطفُ، فقال: والذين جحَدوا الله ورسولَه، وكَذَّبوا بآياتِ اللهِ ﴿لَهُمْ شَرَابٌ﴾ في جهنم، ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾، وذلك شرابٌ قد أُغْلِيَ واشْتدَّ حَرُه، حتى إنه - فيما ذُكر عن النبيِّ لتتساقَطُ من أحدِهم حينَ يُدْنِيه منه فروةً رأسِه، وكما وَصَفه به (٤) جل ثناؤُه: ﴿كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩].


(١) في ص، ت ٢، س، ف: "ليثبت".
(٢) في ص، م، ت ٢، س، ف: "ما".
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٢٧ معلقًا.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.