حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا عمرانُ بنُ عُيَينةَ، عن عطاءٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾. قال: يقابلُ بعضُها بعضًا (١).
وأولى الأقوال فى ذلك بالصوابِ القولُ الذى قدَّمنا بيانَه، وذلك أن الأغلبَ مِن معانى البيوتِ -وإن كانت المساجدُ بيوتًا- البيوتُ المسكونةُ إذا ذُكِرت باسمِها المطلقِ، دونَ المساجدِ؛ لأن المساجدَ لها اسمٌ هى به معروفةٌ، خاصٌّ لها، وذلك: المساجدُ. فأما البيوتُ المطلقةُ بغيرِ وصلِها بشيءٍ، ولا إضافتِها إلى شيءٍ، فالبيوتُ المسكونةُ.
وكذلك القبلةُ، الأغلبُ من استعمال الناسِ إياها في قِبَلَ المساجدِ وللصلواتِ.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان غيرُ جائزٍ توجيهَ معاني كلامِ الله إلا إلى الأغلبِ مِن وجوهِها، المستعملِ بينَ أهلِ اللسانِ الذى نَزَل به دونَ الخفىِّ المجهولِ، ما لم تأتِ دلالةٌ تدلُّ على غيرِ ذلك، ولم يكن على قولِه: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾. دلالةٌ تقطعُ العذرَ بأن معناه غيرُ الظاهرِ المستعملِ في كلامِ العربِ، لم يجز لنا توجيهُه إلى غيرِ الظاهرِ الذى وصفنا، وكذلك القولُ في قولِه: ﴿قِبْلَةً﴾.
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأدُّوا الصلاةَ المفروضةَ بحدودِها في أوقاتِها.
وقوله: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيه ﵊: وبشِّر مقيمي الصلاةِ، المطيعى الله يا محمدُ، المؤمنين، بالثوابِ الجزيلِ منه.
(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٢٢٤ عن سعيد به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٧٧ من طريق عطاء عن سعيد عن ابن عباس به.